محمد كمل Mohammed Kamel
القنيطرة Kénitra Maroc
20/12/2019
قط جميل جدا يقرفص يجلس بباب شقتي-غرفتي عند المساء وهو يطيل النظر لي ويمعن في كأنه يريد أن يقتحم لغة الضاد ونحن نحتفل “بيوم اللغة العربية ” ونظرة القط تغزوها عزة نفس قل نظيرها، عزة نفس لا حدود لها وهي قاتلة هاربة في هذا الفضاء الذي هو فراغ مضاعف بالعدم حيث يسكن عشرات القطط ومائة كلب و”أنا ” ولكن كل حيوان منا يحترم حدوده بشكل عجيب فانا لظروف أمنية محضة لا يمكن لي ان اقتحم غرف الكلاب ،ووهم في وقار يحترمونني عن بعد وصلة الرحم بينا متواصلة من دون أية مشاكل، وكل واحد منا أنا وجيراني نقدس جغرافية الجوار ولم يقع قط اي تداخل للإختصاص المكاني والقط يرقب خطوي.
عندما أحضر مساء قبل مغيب الشمس فوق سيارة قديمة يرقبني عند العودة من ” الفيلاج ” والبسمة ترسو فوق محياي ومحفظتي المملوءة أوراقا و”شبكات للكلمات المتقاطعة” وأقلام حبر ملونة ومتعددة الأحجام والأشكال .لكن القط المعتز بنفسه لا يهرب بعيدا بمخيلته الواقعية جدا والمعيشية عن ماذا يوجد بقلب المحفظة الزيتية الجميلة على الرغم من عدم توفري على البنية التحتية من مطبخ واواني لشقة – داري- فهو موقن ان محفظتي مملوءة باللحم والعظام والنقانق بأنواعها “saucisses بكل المذاقات Strasbourd” اي ان القط يحلم بي مطعما متنقلا ولم يخطر على بال القط انني لا أتوفر على “كانون ” وليس لي إلا نصف شوكة وكأس بلاستيكي ولا يمكن لي بالمطلق إعداد طبق في بيت السلحفاة هذا.الذي يتحملني ..ومع ان القط ليس غبيا وله قوة الملاحظة وأنا لا أخفي عليه أي شيء وعندما أسقط فوق السريرأمامه وهو يفترش جزءا من قميص لم يمسسه البلل ويقوم بحركات التنظيفية كطقس يومي جميل فهو يرى ويعلم بكل محتويات غرفتي – داري- فهي كما ترى عزيز القط مكونة من صندوق
“لكوكاكولا” أضع عليه ليمونة ونصف تفاحة وموسى وكأس بلاستيكي وفي الجهة المقابلة صندوق آخر به أوراق مملوءة بقصائد وقصص جمعت فيها كل أحزاني الماضية والقادمة وليس بالإمكان ان يحل الطعام في هذا المكان .ومن شدة تأملي لحاله ناولته قطعة جبنة “كيري ” وأنا أتامله يلتهمها أمامي وتذكرت عندها اننا نشبه بعضنا لأبعد الحدود فنحن نعيش في الخلاء والغابة والريح والجوع ولانعود للغابة إلا للمبيت قرب الحبيب القط الجميل الذي لا يشبه قطط الارض والسماء……..