يوقع الدكتور موسى فقير كتابه “حفريات في الفرجة الشعبية بالمغرب” يوم الخميس 16يناير الجاري ببهو المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط . وسيشارك في حفل التوقيع كل من الدكتور محمد المحبوب والاعلامي الطاهر الطويل .وهذا ملخص للكتاب بقلم الدكتور موسى فقير
تعد الأشكال الفرجوية بالمغرب رافدا أساسيا من روافد التراث الثقافي الشعبي الشفهي العربي، الذي يحمل في ثناياه ملامح فرجوية ممسرحة. وبما أننا نعتبر في هذه الدراسة الفرجات الشعبية من الأشكال البدائية للمسرح، فإننا نستند في ذلك إلى كون المسرح من الفنون التعبيرية ذات الصلة القوية بالمحيط الاجتماعي. لذا فالمسرح الشفهي الشعبي غير المدون في جل المناطق العربية عامة، والمغربية على الخصوص ليس مشروطا بالقوانين الأرسطية التي قعدت للظاهرة المسرحية، لأن أصالته تتمظهر من خلال قوته الشعبية الضاربة في عمق الفكر الإنساني منذ أمد بعيد.
إن الحفر في ذاكرة الأشكال الفرجوية وتجلياتها الدلالية والرمزية، جعلنا نستخلص أن الثقافة الشعبية المغربية لها روابط تاريخية مندمجة مع أشكال فرجوية عربية وعالمية، تنم عن وحدة الوجود الثقافي الإنساني، الذي يستمد مكوناته وعناصره من العمق الأنثربولوجي للحياة البشرية. فمنذ الوجود البشري على هذه الأرض، وعبر توالي القرون والأزمان انتشر الإنسان في كل البقع الجغرافية العالمية، ونتج عن هذا ظهور عادات وتقاليد وأعراف متنوعة. فهي وإن اختلفت في بعض جوانبها يبقى مصدرها واحدا، يستلهم البعد الأنطولوجي والأسطوري والروحي، الذي يمتلكه الإنسان فمنها ماهو مرتبط بالمكون الديني. الذي تتجلى مظاهره في كل الطقوس التي يستمد منها الإنسان تفاعله الفكري والروحي مع المعتقد الديني بكل الصور والأشكال والرموز، ومنها ماهو مرتبط بالجانب الاجتماعي، الذي يظهر من خلال مجموعة من الممارسات في فصول السنة، ومنها ما هو مرتبط بأعراف موروثة، تستلهم البعد الأسطوري، الذي يبرز من خلال الحكايات والأحاجي والروايات الشفهية الشعبية ومنها ماهو مرتبط بالبعد الطوطمي الذي يختلط فيه جانب المقدس مع المدنس في الاحتفالات الطقوسية .
لذلك فإن دراستنا في هذا الكتاب تنصب حول إبراز مدى ارتباط الثقافات العالمية مع بعضها بعضا في أوجه التقارب التي أفرزت لنا دلالات لمكونات ثقافية تراثية متعددة ومتنوعة تنسجم مع كل السلوكات الإنسانية عبر مر العصور، وتتعالق مع تقليد كوني في إطار شمولي. إضافة إلى هذا الطرح، فالأشكال الفرجوية الشعبية الموسومة بالملامح التمسرحية تكون غالبا رافدا من روافد البيئة التي تشكلت فيها، رغم تناغمها مع مكونات تاريخ البشرية. فمن خلال تاريخ أسطورة النشأة تبقى الرموز الثقافية تحمل في طياتها أثر البيئة التي أنتجتها، ويظهر هذا في سلوكات ومواقف منتج الفرجة الشعبية، فهو غالبا ما يمتح رؤيته للعالم في ضوء ما يحيط به من أفعال يحورها إلى كلام يثير فضول الإنصات والانتباه.
وعليه، فالأشكال الفرجوية الشعبية ليست وليدة الصدفة، ورموزها الثقافية التعبيرية تسهم في تعميق نظرتنا إلى الحياة وتفكيرنا في مساءلة الذات، وتصفح التاريخ، لاستبطان جل العوامل المساهمة في خلق هذه الرموز. وبما أن قراءتنا للشكل الفرجوي بمنطقة الغرب في المغرب كانت في إطار سوسيو ثقافي، فإن ما لامسناه من خلال هذه المقاربة لا يمكن إلا أن تكون نتائجه نسبية. ذلك أن ظواهر الفرجات المدروسة لا يمكن أن تستعير كل المفاهيم الأنثربولوجية. فرغم محاولتنا في تبني مقاربة مونوغرافية لهذه الأشكال – منطقة الغرب كأنموذج-، يبقى التساؤل مفتوحا حول مجموعة من الإمكانيات القابلة لإعادة النبش في الذاكرة الفرجوية المحلية استنادا إلى مجموعة من وجهات النظر، التي تبحث في الشكل الفرجوي المغربي بكل فروعه ومكوناته .
والجدير بالإشارة هنا تسجيل ملاحظة هامة، تتمثل في كون منطقة الغرب بالمغرب تزخر بأشكال فرجوية لها ارتباطات تاريخية، مع مجموعة من الأنماط الفرجوية المغربية، وحتى العربية والعالمية. بمقدور المتأمل المجالي، أو المتخصص المسرحي أن يستنبط منها ماهو فرجوي يمكن إدماجه في خانة الفرجة الشعبية، وإعادة صياغته ليصبح فرجة مسرحية مكتملة القواعد والأسس.
وهاجسنا في هذا الكتاب هو أن نسهم في رد الاعتبار للأشكال الفرجوية التي تمتلكها منطقة الغرب، لأنها تمثل جزءا من الثقافة الشعبية المغربية والعربية، واستجلاء بعض خصوصياتها التي تعد ثقافة تراثية شفهية، لها امتداد تاريخي موغل في القدم، وأصولها الأنثروبولوجية مستوحاة من تقاليد شعوب وقبائل متنوعة أمازيغية وعربية ورومانية وقرطاجية وأندلسية وافريقية وصحراوية وحسانية ويهودية… تكشف لنا عن مجموعة من العلامات والرموز والدلالات ذات الارتباط الوثيق بطبيعة القبائل وأصولها وعاداتها وتقاليدها
من هو الدكتور موسى فقير ؟
ازداد الدكتور موسى فقير بإقليم سيدي قاسم – المغرب
مهنته قيم على مكتبة المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فرع القنيطرة بالمغرب – قطاع وزارة التربية الوطنية
حاصل على شهادة الدكتوراه تخصص “المسرح وفنون العرض” جامعة ابن طفيل القنيطرة سنة 2014
حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في “الأدب المغربي” بكلية الآداب جامعة مولاي إسماعيل مكناس سنة 2005
حاصل على الإجازة في الأدب العربي 2002
حاصل على شهادة البكالوريا سنة 1997
الأنشطــة العلمية والثقافية
نشر كتاب موسوم ب “حفريات في الفرجة الشعبية بالمغرب من قبل الهيئة العربية للمسرح سنة 2019.
أستاذ عرضي لمادة “السرد المغربي الحديث” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن طفيل القنيطرة خلال موسم 2018/2019.
المشاركة في برنامج صناع الفرجة للقناة الأولى بالتلفزة المغربية حول “العيطة الغرباوية “موسم 2018/2019.
المشاركة في الدورة التكوينية للمسرح المدرسي، التي نظمت من قبل وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والهيئة العربية للمسرح وجمعية أصدقاء محمد الجم بالمغرب سنة 2015.
نشر مقالات تتعلق بالثقافة الشعبية بمجلة “الثقافة الشعبية” البحرينية.
نشر مقالات بمجلة “تراث” الإماراتية .
نشر مقالات متنوعة حول التراث وأشكال الفرجة بجريدة هسبريس الالكترونية المغربية.
نشر مقالة بمجلة الفنون المغربية سنة 2018.
المشاركة في تقديم وقراءة كتاب “المسرح الفردي في الوطن العربي” للإعلامي والناقد المغربي الطاهر الطويل بالمعرض الدولي للكتاب بمدينة الدار البيضاء المغرب سنة 2018.
تأطير دورة تدريبية حول مسرح الطفل بالمركز الثقافي بمدينة مشرع بلقصيري المغرب.
عضو سابق في اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم مركز اليونسكو- الخميسات- المغرب سنة 2005.
تأطير مداخلة حول “المكتبة المدرسية ودورها في تنمية مدارك التليمذ” سنة 2017.