صرخة فنان :ها علاش !!!!

جسر التواصل9 يناير 2020آخر تحديث :
صرخة فنان :ها علاش !!!!


بقلم: عبد العظيم هريرة

 

 

 

 

لهذا فضلت أن أبتعد عن الفن عامة ،والمسرح خاصة بداية الثمانينيات، لهذا لم أختر أن يكون الفن مهنتي التي أسترزق منها وأواجه بها حاجيات الحياة اليومية، فضلت أن أستمر في الدراسة وأن أحصل على شهادات أكاديمية عليا وتغربت وناضلت إلى أن حصلت على مهنة مستقرة بالوظيفة العمومية وتقلدت مناصب مسؤولية متعددة أديت فيها مهمتي على أحسن وجه رغم المعاناة والضغط البيروقراطي الفاحش، استطعت أن أفتح بيتا وأربي أبنائي وأجعلهم ينجحون في حياتهم الدراسية، لم أكن متواجدا باستمرار في المجال الفني ولكني كذلك لم أكن غائبا لم أعرف شهرة كبيرة ولا فرصة للظهور على الشاشات أو المسارح إلا أنني ربحت كرامتي والأمن الاجتماعي في التغطية الصحية والمعاش وأنا لا زلت فنانا وتفرغت له بعد تقاعدي المريح لكي أفرغ فيه كل طاقتي وأعوض فيه سنوات الكدح والنضال.
سقت هذه المقدمة المقتضبة لا للتبجح أو الاستعلاء ولكن كي أوضح أن الفن والثقافة في بلادنا أمران لا يمكن معهما ضمان الحد الأدنى من العيش الكريم، الفن والثقافة رغم كونهما ركيزة من ركائز التنمية في البلدان التي تحترم آدمية مواطنيها وحقوقهم، للأسف تجدهما في بلادي العزيزة في وضعية متأخرة جدا وضحاياه يمثلون غالبية الفنانين المغاربة.
عدد كبير منهم يعيشون على عتبات الفقر والحاجة خصوصا وأن العمل لهؤلاء الفئة يخضع لسياسات الزبونية والمصلحية وأشياء أخرى قد تخرج عن منطق الفن للفن ويندى لها الجبين كالابتزاز والاستغلال الجنسي، فنان يصابون بالمرض ويواجهون كابوس تكاليف العلاج ويموت أغلبهم بسبب ذلك. رحم الله تعالى حسن مضياف ومحمد مجد وأحمد العلوي وعائشة مناف وعائد موهوب وخديجة جمال وأحمد الصعري ومحمد خدي … ألخ وآخرهم اليوم محمد شكري، رحمهم الله جميعا وأدخلهم فسيح الجنان.
إن هذا الواقع، يفرض علينا طرح تساؤلات عريضة ومستعجلة حول وضعية الفنان المغربي التي إلى يومنا هذا لا تزال غير واضحة المعالم وحتى قانون الفنان لازال يرزح في ظلمات القرارات السياسية التي تعرقل تنفيذه ومواكبته للضروريات الحياتية للفنان كونه مواطنا فوق العادة يحترق في مشواره المهني من أجل رقي الإنسان والمجتمع، كما يطرح هذا الواقع علامات استفهام حول حق الفنان فيما يضمن حمايته وتأمين العيش الكريم له خصوصا في أرذل العمر مع تقدمه في السن والإصابة بالأمراض، والتعرض لحوادث منزلية أو حوادث السير، أو بكل بساطة في حال توقفه عن العمل.
نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي و الفني ببلادنا، إلى متى ستظلون في موقع المتفرج ومحمد الخلفي هرم المسرح والتلفزيون والسينما يعاني وحيدا دون عناية ولا اهتمام، إلى متى وفاطمة الركراكي عميدة المسرح المغربي تتدهور حالتها الصحية و الاجتماعية يوما بعد يوم، إلى متى وعائشة مهماه أيقونة من أيقونات التمثيل في بلادنا أراها من يوم لآخر وهي تذبل من شدة اللامبالاة والإهمال، إلى متى ومحمد برادي و …. اللائحة طويلة …. سيستمر وضعهم من مأساة إلى مأساة ؟؟ أدركوا ما تبقى من زهرات فننا وثقافتنا من الفقر والحاجة والابتذال احفظوا ماء وجوههم وجنبوهم مذلة السؤال.

الاخبار العاجلة