بورتريه عن الزجالة نزهة الذهبي وديوانها ” سوالف ليام “
اعداد : ماجد فدراني
نزهة الذهبي إنسانة طيبة القلب دون حدود ، ظريفة لحد الحشمة ، خلوقة جدا ، كريمة جدا لحد الإيثار ، تعامل جميع الناس سواسية في اطار حدود العادات و التقاليد و تربيتها الدينية و التي نشأت عليها تجعلها تفضل العزلة و الانفراد لتجنب كل شائبة ، تهوى الزجل لحد النخاع، تسافر إليه قريبا أو بعيدا و مهما كلف ذلك رغم تواضع ميزانيتها ، نزهة الذهبي إنسانة يملأ قلبها حب الانسان ، تشاركهم افراحهم و مسراتهم ، تتألم بشدة و في صمت لآلام الآخرين رغم انها تعاني هي أيضا ما تعانيه لكنها تداري و تكابد ما تقاسي بالكتابة حيث تجد ضالتها ، تجد في الورق الآذان الصاغية و الفم الكتوم و المواسي القريب ، تئن بالقلم و الحرف ، تكتب بالأزرق أحمرا ، و بالماء نارا .
تقول زجالتنا في قصيدة نقطة ماء :
غمضت عيني و سرت نهتهت
ما دا بيا نغسل لڭلوب من نحس لهموم
نمسح لعين من كحل لحموم
نطفس الرماد من حر السموم
نكشط السما من سحابها لمغيوم
زجالتنا من مواليد، 1966 بمدينة مكناس ، و منذ الشهور الاولى بعد ولادتها تكفلت بتربيتها جدتها ، التي كانت حريصة في تربيتها على التقاليد و العادات المغربية و خصوصا المعروفة بهاته المدينة الإسماعلية ، و بها تابعت الدراسة الابتدائية ، و من هاته المدينة المعروفة بكثرة الأولياء و مواسمهم و ما يعرف بها من جدبة و حضرة و ركوب الخيل مع التبوردية زيادة على فن الملحون و عيساوة و حمادشة و غيرهم ، و التي كانت لا تتوانى في زيارتها صحبة الجدة ، فكان لابد لهذا النمط البيئي من تأثيره على زجالتنا في سن مبكر.
و في سنة 1980 انتقلت الى مدينة سلا الشبيهة بمكناس في العادات و التقاليد بعد ان عادت للعيش مع امها واخوتها واتمام الدراسة الاعدادية ، لكن سنة 1982 عرفت زواجها و هي تبلغ من العمر 16 سنة ، أثمر هذا الزواج بنتا و ولدا لكن القدر شاء لتترمل زجالتنا سنة 2007 ، فوجدت نفسها وحيدة بعد زواج البنت و رحيل الابن للعمل ، و أمام هذا الفراغ القاتل بأنياب الغول واجهت الحياة التي كانت تجهلها بمعاناة الفراغ و كثير من الألم و الحزن.
فلم تجد الا القلم لترجمة فظاعة هذا الفراغ المهول و رسم الالم بحبر من شفاء امام هول القدر التي كانت تعاني من جراء تشتت الاسرة و فقدان الزوج و الذي احبته لمعاملته الرجولية و قلبه الكبير رحمة الله عليه.
تقول زجالتنا :
من تحت الردم ننجر اقلمي
من هاد لعظم نسڭطر مدادي
من هاد الدم يخرج كلامي
يكتب ؤ يزمم بحقي ينطق
حبها لسيدي عبد الرحمان المجدوب و رباعياته أملى عليها سبيل الكتابة الزجلية حتى تفجر مكنوناتها ، ساعدها على ذلك الرصيد المعرفي الذي حصلته من نشأتها مع جدتها و زيارتهما للبوادي التي استقت منها الكلمات الاصيلة المغربية ، كما كانت المعاناة سببا رئيسيا حيث اجبرتها على اخراجها كل الحزن و الألم اللذان كادا ينهشا دواخلها ألوانا زاهية في ديوانها الذي نحضر حفل توقيعه اليوم ” سوالف ليام” و هي مجموعة شعرية تتكون من 15 قصيدة زجلية.
يلقبها العارفون زجلها بالمجذوبة و ذلك لعدم حبها لمكبر الصوت الذي يقيد حريتها عند القراءة ، تحب الفضاء الرحب لتزجل ، فهي تعيش قصائدها حرفا حرفا ، و بإحساس رهيب تتفس بعض الحروف عطرا و تنفث أخرى لهبا و شهبا .
نزهة ذهبي تعترف بدين لأشخاص مهدوا لها الطريق و أعطوها فرصة إبراز حرفها البهي الى بزوغه في امسيات و مهرجانات حصلت فيها على شواهد عدة تعتز بها و بجمعياتها حتى انها حصلت على شهادة فارسة في صنف القصيدة الزجلية منحت لها من طرف جمعية عشاق الحرف ، و من بين الاشخاص التي تعترف لهم بالدين أولهم الاستاذ الشاعر محمد أخريف و الشاعر مصطفى العبريدي و الشاعر محمد الناجح و صديقتها فوزية الحارثي و حيث ان الوقت لا يسع فكثيرة هي اسماء الاحبة.
كتبت شاعرتنا الذهبي في الوطن بقصيدة ” حبيبتي بلادي” و قصيدة “عار الجار” و كانت وطنية ، و كتبت في الخيل و التبوريدة و في الحزن و الشجن و الأمل تقول زجالتنا في قصيدة” شهقة”:
ف ڭلبي شهڭة تحطم لجبال
تبورش جلدي ؤ كتافي ثقال
جف دمعي نتسنا الامال
تشرق شمس يتصنع المحال
كتبت أيضا في الحب أحسنت و كانت العاشقة حد الهيام و قالت :
كون غير جيتيني ڭبل ما تمشي
كون عنڭتك بدرعين لفراڭـ
كون بللتك ب دموعي
كون دفتنك فضلوعي
و بنيت لك قبر
في ساعة لحڭرة نطل ؤ نشوفك و خا لڭلب فدواخلي ينين
هاته شهادتي المقتضبة في حق زجالة راقية و أخت غالية للا نزهة الذهبي و التي هي بالفعل ذهب خالص في أحاسيسها و انسانيتها و تعاملها .