ل: محمد كمل
القنيطرة
يناير 2011
حنين هزني لهذا النص القصصي و الذي قام الأستاذ المحترم: العربي بنجلون بنشره في مجلته الإبداعية “كتابات ” العدد “20” في صيف 2012 واجدد بأعادة النشر على الفيسبوك شكري وإمتناني للأستاذ الجليل: العربي بنجلون.
إهداء ألى : ” روح والدي ” و ” عبد القادر بويغرومني “
♧1♧
مات عمي الغالي إسما على مسمى !! كنت قد جئته قاصدا صلة الرحم طاله الصدأ وترحما على أخ لوالدي عله يسعد في قبره بعد أن شبع تعاسة في دنياه ، لكن عمي رحمة الحق عز وجل تجدد عليه عمي هذا كان قد إعتقلني قيد حياته في غرفته السفلية – ببيته- ودون أن يمكنني من حقي المشروع في الدفاع عن نفسي دام الإعتقال تلاثة عشر ساعة وقد لعب وبصيغة الفرد والجمع قضاء واقفا وجالسا وهو لايدري انه بحكمه القاسي هذا جعلني أقضم شفتي السفلى ندما على هذه الزيارة/ المعتقل أو فندق القلعة تيمنا للشبه الكبير بين والدي رحمه الله و” الفاجوومي”.
كنت تلك الليلة ضيفا على وعند عمي في نفس الآن، بعدما حصلت على رقمه الهاتفي حيلة من صهر له وهو ابن عمي عبد السلام ؛ وكان هو أول من أرهبه مقامي لليلة واحدة ببني ملال لأنه يمقت الضيوف ربما لكونه فيه جينات من قوم ” براقش “.
كان لي حلم صغير جدا في تلك الليلة وخططت له في ان أبيت عند عمي في هذه المدينة – ذات الأوراش المفتوحة على السماء- كنت أطمع في توفير وإقتصاد بعض الدريهمات
للعب رهان الخيول في اليوم الموالي لان هذه الرياضة الهواية
تسافر معي أينما حللت وارتحلت .
هنا بني ملال – غدير الحمرة – ساحة المقاومة- سينما فوكس- درب لعفو- خريبكة – المارشي- سينما أطلس- كاسطور- بوعشوش- زنقة بين الكيفان – طريق مراكش – في هذه المدينة لاشيء لاشيء لاشيء تغير منذ مليون سنة أو يزيد ربما خيوط الدهر المرسومة الموشومة على وجوه المارة، في هذه المدينة ومنها اشتقت كلمتا الرتابة والملل وكأنك في أحدى مدن ” الفارويست” من القرن الماضي بغبارها ورياحها الرملية واشواكها التي تحجب الرؤية وبداوتها المفرطة يذكرون الأنثى ويؤنثون الذكور.
♧2♧
…..وإلتقينا بعد أن عز اللقاء بعد عقدين من الزمن ..إنتظرت عمي في مكان يتوسط المدينة القديمة ليس بعيدا عن ” حانة الباشا” قد هدموها بعد تغير طرأ على المجالس البلدية في زمن أفلس فيه حلاقو البلد..كان هذا المكان الذي انتظرته
فيه هو ناد للكرة الحديدية لعبة إخترعت لكل من إستقال من سرير الزوجية.
جلست في هذا المكان الواسع حيث يوجد مقهى صغير لا يتناول فيه ألا الشاي أصدقاء عمي يراوغون الزمن بسوف يأتي دورنا لا محالة والموت يداعبهم بلطف وهو لايريد ان يطيل النظر إليهم لئلا يسرع ملفاتهم المهرولة لوحدها..في
لحظات الإنتظار حيث يبدو الزمن أطول من مضمونه الحقيقي فلم اخلق مواضيع للدردشة مع أصدقاء عمي بحكم عدم سابق معرفة لي بهم وبطباعهم وإنا منشغل بهذه الفكرة
تكرم أحدهم يعرف والدي بأن قدم لي كأس شاي منعنع حقيقة اجمل شيء في هذه المدينة ماء زلال من ” عين أسردون ” تبرع به في تحضير الشاي ولو كنت عديم المواهب.
♧3♧
حضر عمي وكان فيه مزيج لشبهين لوالدي وللشيخ إمام”
” آه يابلدي” وهو يحمل نظارات طبية و لا يرى بإحدى عينيه
كنت جالسا جهة العين النائمة دوما سلم على الجميع ونسيني
مازحا سأله صديقه الأصلع تماما؟؟ هل له إبن أخ محام ؟ فرد عمي بالإيجاب وبسرعته وبداهته اللافتة للنظر ادار راسه جهتي بالعين غير المريضة مبتسما وعانقني بحرارة وحياني….
سعدت بهذا اللقاء وقد كانت مفاجأتي له قوية وهو كذلك وجد في شبها كبيرا لوالدي ولأخ له عبد الرحمان يسكن في سيدي جابر ويشتغل ب” البيزانا” سعد عمي الغالي كثيرا باللقاء وترحم على والدي وهو عندها لا يعلم انه سيرحل عن الدنيا بعد اشهر ويكون له متسع من الوقت للقاء بوالدي رحمهما الله ووعدني انه سوف يحدثني عن جدي ونحن في الطريق إلى بيته وهنا كادت الفرحة ان تقتلني بعد نجاح خطتي في المبيت عنده لهذه الليلة .
♧4♧
شربت الشاي مرتين وانصرف عمي لإجراء جولة من الكرة الحديدية وبعد نصف ساعة ولى منهزما واخدنا الطريق إلى بيته الذي يبعد عن وسط المدينة بثلاثة دراهم في سيارة
أجرة صغيرة سرنا معا على الأقدام وبينما نحن تخترق ” غدير الحمراء” بالقرب من سقاية وفرن ومحل للبقالة
لخربوش بدا عمي حديثه عن جدي القوي الشخصية والمزواج صمدت في عصمته تلاث نساء أكرمنه بستة عشر
ولدا وبنتا واحدة وكيف ان عمي الغالي كان محل ثقة جدي الذي كان له متجرا تتوسطه شجرة قرب وبجانب زنقة العطارة وكان جدي أمينا للعطارين يبيع التوابل من السند والهند وأشياء أخرى.
ونحن في الطريق إلى داره أشترى كيلو ونصف من الموز الجميل ونصف كيلو من الكفتة واسترسل يحكي لي هذه المرة حياة والدي الذي كان يعيش عند عمته في مدينة تادلة
وهي لم ترزق خلفة وأردف ان والدي لم يكن قريبا من جدي وأن هذا الأخير كان يحتاط كثيرا من والدي لأنه مدمن ومهووس بالقمار والخمر وان يده خفيفة جدا أذ كانت كل الأشياء التي تراها يده تلتصق بها وهو يروي ويروي بحماس كبير فيما انا التعب سلب مني القدرة على التركيز وهو يحكي…أجتاحتني رغبة في اخد دوش والخلود للنوم فقط لتبقى لي طراوة التركيز على برنامج مسابقة الغد للخيول ولاشيء غير ذلك.
♧5♧
وصلنا البيت فتح الباب بعد الجرس لم تكن لسيد البيت مفاتيح ودخل الى البيت وتركني لخمس دقائق مسمرا عند الباب عله يشرح لزوجته الفاضلة والحديدية ظروف النص وكيف ان إبن أخيه انا القادم من القنيطرة سوف يتناول العشاء عندهم و المبيت عندهم الليلة ولاشيء غير هذه الليلة وجاء الفرج دخلت إلى الدار عندها أكلنا الكفتة على عجل بعد أن إستغرق تحضيرها ساعتين على الأقل أحضر بعدها عمي موزا آخر غير الذي إقتناه معي في الطريق وبعد حوالي ساعة من المداولة قدم لي شايا أقل جودة من شاي نادي الكرة الحديدية وانصرف الى زوجته كانه هذا المساء اكتشف انه يحبها.
قدم بعدها عمي ودعاني لغرفة صغيرة فتحها لي وأغلقها علي من الخارج مرتين وتركني فيها مع سطل ماء ومرحاض مفتوح على الهواء ثم أعاد إغلاق الغرفة بإحكام ؛ قضيت الليلة مع كوابيسي بعد أن ضاعت شفتي السفلى حسرة وإنا في قلب المعتقل .