“في محاولة لسبر أغوار ومضة الشاعرة نعيمة مفيد” للكاتب والشاعرعبد العزيز حنان

جسر التواصل24 يناير 2025آخر تحديث :
“في محاولة لسبر أغوار ومضة الشاعرة نعيمة مفيد” للكاتب والشاعرعبد العزيز حنان

عبد العزيز حنان
جميل أن نجد بعض المبدعين يسمون الأشياء بمسمياتها ، دون أن ينشغلوا بالتعلق و لباس لبوس لا ينتمي إلى محيطهم بأي انتباه .
الومضة ، الشذرة ، التوقيعة .. مسميات لأشكال إبداعية في الشعر العربي سواء معربا ( فصيحا ) أو زجلا . و هذه المصطلحات تتطلب من الشعراء أن يعوا معناها و مغزاها ثم من دلااتها كمصطلح لإبداعاتهم بدل ال( التّشعبُط ) بمصطلحات لا تمت لمحيطنا و إبداعات مبدعينا بصلة
الومضة التي بين أيدينا للشاعرة نعيمة مفيد ، صورة حية و تطبيق عفويى لمصطلح الومضة . و تتجلى في تكثيف الصورة الشعرية ضمن حيز مكاني و زماني يمكن للمتلقي أن يحدد معالمه .
تكثيف الصورة الشعرية هنا لا يُقصد به الاختصار و إنما التركيز الإيجابي على مضمون الومضة .
موضوع الومضة = الاغتراب أو التغريب .
مفاتيح الومضة = التجاهل / البعاد .
التركيبة= واقع مشهود / تذكير باستباق المشهود .
المضامين :
هناك تحولات مجتمعية اندفعت بشكل غرائبي تخلخل مسلمات عيش طبقات مجموعاتية و تشوش على الموروث السلوكي و المعرفي على هذه المجموعات .
المشهد الأول
ظاهرة التفكك العائلي و الذي يمتد إلى الأسر .( رياح التجاهل ) يمكن أن يكون التجاهل ذاخل الأسر أو العائلات عابرا لكنه حين يصبح رياح و ليست مجرد ريح مجنونة ، فتلك تحولات أخرى …
هذه التحولات ليست هادئة و إنما تأتي فجائية من غير توقع ( كأنها الطوفان ) و الملفت النظر هذا الوصف المتميز للحظات المتغير الفجائي :
( تولول بصخب
من أعتاب الأحبة )
هو شكل من أشكال الطباق حين تأتي صفتان متناقضتين ف سياق واحد . و يتجلى ذلك في هبارتي ( تولول / الأحبة ) .
المشهد القاني
تشهر الشاعرة المفاجأة ، و هي الجهل الغبي في الآخر . ( ما عرفوا) الجهل بالمضمر الذي فقهت به الشاعرة مبكرا . الغرور الجاهل كثيرا ما يحجب مدثر هذه الصفة ( المغرور الجاهل ) فتستبقه الشاعرة :
( ما عرفوا أني ،
ركبت صهوة البعاد)
استبقت الضربة أو طوفان الأحبة ، فاختارت ( البعاد ) أي النأي بعيدا بعيدا بعيدا ….
و بعد ذلك ، اختارت الشاعرة رسم مكانا لا يمكن لهذا الآخر من الأحبة أن يصلها و هي :
(استوطنت اختيارا
شرنقة النسيان … )
إنها لم تعلن عن انهزامها و إنما اختارت استباقة اللحظة القادمة بشكل فجائي فاختارت المكان و ربما حتى الزمان المبكر . و الملاذ / ( شرنقة النسيان )
و الشرنقة في المعجم اللغوي هو :
غشاء واقٍ مُكوَّن من خيوط دقيقة، تنسجه بعض الحشرات حولَها كدودة القزّ لتحتمي به في طور من أطوار حياتها “حلّ شرانِق الحرير”. كيس البيض في العناكب وديدان الأرض.
و هكذا يمكم للمتلقي تخيل الملاذ . الشرنقة هنا عند الشاعرة خاصة بالنسيان . نسيان التقلبات التي تحاك حتى من الأقربين . إنها التحولات المجتمعية المتسارعة و المدمرة لكل العلائق الإنسانية …
هي رؤية من زاويتي فما رأي المتلقي ؟؟؟
قد يكون مفهوم آخر لم أتمكن من سبر أغواره …
فهلاّ حاولت ؟؟؟
و هذه هي الومضة للشاعرة نعيمة مفيد:
رياح التجاهل،
هبّت مجمونةً ..
تولول بصخَب
من أعْتاب الأحبة
كأنها الطوفان …
ما عرفوا أني ،
ركبت صهوة البعاد
و أني
استوطنت اختيارا
شرنقة النسيان …

Views: 3

الاخبار العاجلة