بدر شاشا
في المستقبل، من المحتمل أن يشهد العالم تقدمًا هائلًا في مجالي الطاقة المتجددة وإدارة المياه، مدفوعًا بالابتكارات العلمية والتقنية التي قد تغير الطريقة التي نولد بها الطاقة ونستخدمها، وكذلك كيفية إدارة واستخدام المياه. مع التحديات البيئية والزيادة المستمرة في عدد السكان، سيصبح من الضروري تطوير حلول مبتكرة لمواجهة هذه التحديات. في هذا السياق، يمكننا التوقع بأن المئة سنة القادمة ستشهد اختراعات واكتشافات غير مسبوقة في هذين المجالين.
الطاقة المتجددة ستكون أحد أكثر المجالات التي ستشهد ابتكارات ضخمة. فمن الممكن أن نشهد تطوير الألواح الشمسية التي تستخدم مواد متقدمة، مثل الخلايا الشمسية الهجينة أو الخلايا المطبوعة باستخدام تقنيات النانو، مما يجعلها أكثر كفاءة في تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء. كما أن هناك احتمالًا لتطوير تقنيات جديدة تسمح بنقل محطات الطاقة الشمسية إلى الفضاء، حيث لا تعيق الغيوم أو الظروف الجوية عملية التوليد، وبالتالي يمكن جمع الطاقة الشمسية في الفضاء وتحويلها إلى إشارات ميكروويف أو ليزر ثم إرسالها إلى الأرض لتوليد الكهرباء. قد نشهد استخدام الطواحين الهوائية العملاقة في المحيطات العميقة لاستخلاص الطاقة من الرياح التي يصعب الوصول إليها في الطواحين التقليدية على اليابسة. هذه الطواحين البحرية قد تصبح مصدرًا رئيسيًا للطاقة المتجددة، إذ إنها تستطيع توليد كميات ضخمة من الكهرباء بشكل مستمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطاقة الحرارية الأرضية قد تصل إلى مراحل متقدمة جدًا، حيث يمكن حفر أعماق أكبر للوصول إلى مصادر الحرارة الأرضية لاستخدامها في توليد الكهرباء.من جانب آخر، قد تظهر تقنيات جديدة لتحويل الطاقة من المواد الكيميائية مثل الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه من خلال التحليل الكهربائي للماء باستخدام الطاقة المتجددة. هذه المواد ستكون قابلة للنقل بسهولة وتخزين الطاقة لاستخدامها في المستقبل.
فيما يخص الماء، فإن تقنيات تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية قد تشهد تطورًا كبيرًا، بحيث تصبح عملية التحلية أكثر كفاءة وأقل تكلفة. التقنيات الحديثة مثل “التقطير الشمسي” و”التحلية باستخدام المواد النانوية” ستكون قادرة على توفير مياه عذبة بشكل مستدام، خصوصًا في المناطق الجافة والصحراوية. كما أن تطور تقنيات تنقية المياه باستخدام الميكروبات المتطورة قد يساهم في تصفية المياه الملوثة بشكل طبيعي وفعال. يمكن أن تظهر محطات تحلية المياه ذات الدورة المغلقة، التي تسمح باستخدام المياه المعالجة بشكل متكرر، مما يقلل الفاقد ويحسن كفاءة النظام. كما يمكن أن تساهم التقنيات المستقبلية في جمع المياه من الهواء، حيث سيتمكن الناس من استخراج الرطوبة في الجو وتحويلها إلى مياه صالحة للاستخدام باستخدام أجهزة تعمل بالطاقة الشمسية أو غيرها من مصادر الطاقة المتجددة.أيضًا، سيكون لدينا أنظمة ذكية لمعالجة المياه، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات البيئية واتخاذ القرارات المناسبة بشكل فوري. هذه الأنظمة ستساعد في تحسين عمليات تنقية المياه وإزالة الملوثات بطرق أكثر دقة وفعالية. تقنيات الاستمطار الاصطناعي ستكون أكثر تطورًا أيضًا، مما سيتيح إمكانية تحفيز السحب على تساقط الأمطار في مناطق شحيحة المياه، وبالتالي تحسين المخزونات المائية.
من المحتمل أيضًا أن تشهد المئة سنة القادمة تطورًا في استخدام شبكات المياه الذكية التي تتيح مراقبة وتوزيع المياه بشكل أكثر كفاءة، مما يقلل من الفاقد ويزيد من كفاءة استخدام هذه الموارد الحيوية. مع استمرار تقدم التكنولوجيا، سيصبح من الممكن إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة تحديات الطاقة والماء، مما سيؤدي إلى تحسين نوعية الحياة على كوكب الأرض. ستساهم هذه الابتكارات في تحقيق الاستدامة البيئية وتوفير الموارد للأجيال القادمة.