بطولة بلا روح

جسر التواصل12 نوفمبر 2024آخر تحديث :
بطولة بلا روح

عمر عاقيــــــــــل 

لو تمعنا بتجل سوف نقف على أساس المشكلة الحقيقية التي تعاني من تراجع المستوى الفني العام للبطولة، وأسباب تذبذب نتائج الأندية لن نختلف في الإشارة بأصابع الإتهام للجانب الإدراي كمدخل أولي في إصلاح الأندية، ولو نظرنا إلى عشوائية الإختيار للاعبين والمدربين سنجد أنهم نتاج خطة تعاقب فشل تدبير الرؤساء، كل ذلك يحدث لأن مسألة الإختيار ليست خاضعة لأية معايير ما ينعكس بالسلبي على مستوى البطولة الوطنية وأنديتها.
البطولة الوطنية أنهت ثلثها الأول ومعه تشكلت عدة أسئلة حول المستوى الفني الضعيف للأندية، وإلى البدايات المتعثرة التي تقودها إلى دوامة متكررة من النتائج السلبية، هي صورة كربونية تعيشها الأندية بسيناريو متجدد القصة والنص، مع اختلاف المخرج، وكأنها حالة مرضية ملازمة لا مناص منها، على الرغم من الجرعات المنشطة والداعمة لتحفيز وتصحيح الأوضاع بتغيير الجهاز الفني، وتغيير جملة من أسماء اللاعبين خلال كل فترة انتقالات والهادفة إلى الإنتقال إلى مرحلة مختلفة عما كانت عليه النتائج، كون مقومات النجاح حاضرة لتعديل الصورة وتحسينها، شريطة الإستغلال الأمثل والتوظيف المناسب للإمكانيات والقدرات المتاحة، كي تستطيع الحصول على الشكل المتوقع منها للخروج بنتيجة إيجابية.
بتعاقب الجولات وتغيير أسماء المدربين، اتضح بما لا يدع مجالا للشك الوجه الخفي الذي يتحكم في مفتاح الأندية وقراراتها العشوائية بما يفضح عنوانها الذي يقرأ ليفهم من البدايات، بما يؤكد أيضا أن هناك خللا كبيرا استفحل في المكان استعصى معه إيجاد الحلول في تغيير واقع الأندية التعيس، القراءات الأولى كشفت عن وضع متأرجح لفرق معينة قد يجنح بها للتأزم مع تعاقب الجولات القادمة، مع التنبيه على بعض القرارات والسياسات التي لم تغير من واقع الحال شيئا، ومعها ما زالت تدور في مسار إداري متعرج لا يقود إلى نهاية سليمة، أو كالتي ينشدها الحالمون والمتطلعون لتغيير واقع مستوى الأداء والنتائج الأنية.

الظهور الضعيف والمتذبذب للأندية فتح سهام النقد، وزاد من تأجيج الوضع بين الأندية وجماهيرها، وألقى بعلامات الإستفهام على طاولة المسؤولين عن خطط العمل، والتي تضع قائمة الأولويات والإختيارات المكونة لهيكل وشكل الأندية في قادم الجولات، ما قد يفتح جبهة الصدام بينها مجددا، إذا لم يتم تدارك الأمر وتصويبه قبل فوات الأوان.
الأندية المغربية فقيرة فيما يمكن أن تؤسس لفكرة إعادة بناء كرة صحيحة، على ركائز تراعي البعد الإستراتيجي، ولا تستعجل نفسها في دوامة البحث عن نتائج آنية وإنجازات لحظية، أنديتنا تفتقد للوعي في كثير من حلقاتها المتهالكة التي تمثل جوهر التخبط والعشوائية، في القرار الفني والإداري والتنظيمي والمالي أيضا، ما أضعف مجهودها الفني وجعل منها أندية غير قادرة على تطوير مستواها الفني، وبناء كرة قدم متطورة ولو استعانت بأساطير المدربين العالميين.
من المستحيل أن يستقر حال البطولة في غياب الثبات والمحافظة على المستوى الفني في أندية لا تمتلك المقومات التي تمتلكها الأندية التي تتوفر عندها الإمكانيات البشرية، والدليل أن ما تعيشه أندية المقدمة بالرغم من قيمة اللاعبين وما تمتلكه من أسماء أجنبية ومحلية تلعب لمنتخباتها الوطنية، والحالة أن قيمتهم الدولية لا ترتقي للمستوى الفني، ولا تتناسب مع مما يستلمونه من مبالغ مالية مهمة بشيء يذكر.

أنديتنا تجيد لعبة الكراسي الموسيقية، تارة نجد بعضها في مركز الأضواء متلألئة في مستواها، لديها فائض في كل شيء تقريبا، فائض في البحبوحة والإمكانات المادية، فائض في استقطاب أبرز النجوم المحلية وأهم المدربين يحملون صفة العالمية، وجيش عرمرم من الإداريين وأصحاب الصفحات الزرقاء ومنصات ومواقع التواصل الاجتماعي..!! وتارة نجدها في أزمة مالية خانقة، تعاني خيبات المستوى الفني الجيد.

قد يخيل للبعض أن هذا الأمر جزء من عالم عجائبي متصل بكرة القدم وتقلبات المواسم، لكنه ليس كذلك بالتأكيد، لمن يراقب عن كثب ويدرك أن صعود أنديتنا على سلم الإهتمام والقدرة على إغراء أبرز اللاعبين، واستمالة أكثر المدربين خبرة وشهرة، ليس إلا تجليا لمبادرة فردية، ونتيجة لجهود شخصية، الذين تستهويهم روح التحكم بأمور الأندية.
ليس ثمة أندية عندنا في المغرب، بالمفهوم العام للنادي، على خارطتنا الإحترافية، بل مجرد تجمعات تمارس كرة القدم، أو مايشبهها إن صح التعبير، تتوهج بسرعة إن حظيت بمتبرع سخي مكتنز، ومعها تشتعل روح لاعبيها في العطاء، وتنطفئ بسرعة أكبر، إن تخلى عنها الداعمون، وجاع لاعبوها، لأنه ليس هناك استثمار حقيقي لمواردها الذاتية، وبعضها بلا موارد أصلا، ولا موازنات ولا خزائن، فرق بلا حول ولا قوة تستجدي جماهيرها في حالات كثيرة.
الفرق المغربية تبحث عن ألقاب وإنجازات محلية آنية، ولا تدور في خلدها، فكرة البناء والتأسيس، لأنها بالمحصلة ليست محترفة وليست هاوية أيضا.
ماذا عساها تكون.. الله أعلم.

الاخبار العاجلة