أحمد مسلك اليام جسر التواصل
زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المغرب تحمل في طياتها مجموعة من الرسائل، فهي جاءت بعد فترة جمود غير مسبوقة في تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية، تميزت بندية أثبتت تفوق موقف المغرب وحققت اعتراف تاريخي بمغربية صحرائه، وفي المقابل أبرمت مجموعة من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية نظرا لما ستحققه من تنمية في القطاعات المستهدفة، من دون إغفال أن مرحلة الجمود في هذه العلاقة الدبلوماسية واكبتها صراعات فرنسية مع مجموعة من الدول الافريقية الحليفة للمغرب (تشاد، مالي، النيجر، بوركينافاصو، السينيغال).
ونظرا للارتباط الروحي لهذه الدول بالمملكة المغربية، فإن فرنسا تسعى لأن يلعب المغرب دورا محوريا في عودة علاقاتها بهذه الدول، بما يحمي مصالحها، وبالتالي ففرنسا تعول على المغرب في رجوعها إلى الدول التي طردت منها وحفاظها على تواجدها داخل المنطقة بحجة محاربة الارهاب، وضمنيا الحفاظ على مصادر الطاقة بتنوعها.
وبغض النظر عن حجم الاتفاقيات التي وقعت ومجالاتها، وما سيجنيه كل طرف من نتائج إيجابية على اقتصاده، الا أن مكسب الاعتراف السياسي في هذه الظرفية بالضبط ستكون له انعكاسات إيجابية على مواقف مجموعة من الدول ذات الاقتصاديات القوية، وهذا سيدفعها إلى الحدو حدو فرنسا في أفق الالتحاق بالبريكست.
وتزامنا مع زيارة الرئيس الفرنسي إلى المغرب، كانت زيارة الرئيس الجزائري إلى القاهرة التي يعتقد هذا الأخير أنه سيؤثر على الرئيس المصري لكسب تعاطفه واستمالته إلى جانبه ضدا على إرادة المغرب، وضمه إلى تحالفه الثلاثي الموؤود.
لكن ما عرفه النقاش الثنائي الذي دار بينهم، أخرجه الرئيس المصري الى العلن بطريقة دبلوماسية احترافية، ليبرأ نفسه والدولة المصرية مما قد يعبر عنه مستقبلا الرئيس الجزائري بشكل مغلوط، وبالتالي فزيارته بائت بالفشل. معطى اخر في غاية الأهمية شهدته أروقة الامم المتحدة يومه الخميس 31 نونبر 2024 بحجم المصوتين على القرار الاممي لتمديد ولاية المينورسو بما فيها اربع دول دائمتي العضوية، ورفض التعديلات الجزائرية القاضية بتوسيع صلاحية البعثة الاممية، من دون اغفال رفض تصويت روسيا الذي يمكن اعتباره تصويت ضمني لصالح القرار.
وبعد أن انتهت الزيارة وبدأت معالمها تخرج إلى حيز الوجود من خلال الدعم الذي عبر عنه ممثل فرنسا بمجلس الأمن وكذلك تنزيل الإثفاقيات الموقعة إلى حيز الوجود، وهنا أحاول التوقف على بعض الملاحظات منها تأجيل البرلمان البريطاني عن مناقشة موضوع الصحراء داخل أروقة هذا الأخير إلى غاية انتهاء زيارة الرئيس الفرنسي، ومطالبة مجموعة من البرلمانيين البريطانيين حكومتهم بالحدو حدو فرنسا اسبانيا وامريكا والذي سيتم قريبا، كذلك منع روسيا الحليفة الاستراتيجية للجزائر حضور البوليساريو قمة المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة الروسي الافريقي الذي تحتضنه روسيا من دون ان تحرك الجزائر ساكنا، ولا عزاء للحاقدين.