الشاعر رشيد الياقوتي
نُورَانِ يَنْقَدِحَانِ، الوَجْدُ والشَّغَفُ
رَبَّاهُ حَتَّامَ هَذَا القَلْبُ يَرْتَجِفُ
أَسَكْرَةٌ بِحَنَايَا النَّجْم سَاريَةٌ
وَوَمْضَةٌ بِسَنِيِّ الأُفْقِ تنْكشِفُُ
شَمِيمُ عَرْفٍ أرِيجٌ مَا يُدَاهِمُنِي
أكُلَّمَا هَبَّ ريحٌ جَاشَ بِي كَلفُ
مَرَّتْ عَلى الطِّيبِ أحْقَابٌ ومَا انْدَرَسَتْ
ذِكْرَاهُ أوْ طَالَ عُرْجُونَ الشَّذَى تَلَفُ
يُغْمَى عَلَى اليَاسَمِينَةِ الَّتِي انْبَجَسَتْ
فَرْطَ التَّهَجَُّدِ مِنْ رَيَّاهُ تَرْتَشِفُ
يَا سَيِّدَ الخَلْقِ هَلْ فِي الطِّيبِ مِنْ عُشُبٍ
حَتّى أرُوضَ جِيَادَ الرُّوحِ لوْ تَجِفُ
خُذْنِي إلَى سِدْرَةِ الإِشْرَاقِ خَاطِرَةً
عَلِّي بِمُرْتَبَعِ الأَطْهَارِ أعْتَكِفُ
سِرْنَا إليْكَ مَجَازَاتٍ وأَخْيِلَةً
بالكَادِ أحْرُفُهَا العَذْرَاءُ تَأْتلِفُ
قَدْ جِيىءَ بِي حَامِلًا رَضْوَى وأسْئِلَةً
وبِي إليَكَ اشْتِيَاقٌ مِنْ دَمِي يَكِفُ
وكَمْ تلقَّفْتُ أوْجَاعَ الغِيَابِ وكَمْ
إلتَاعَ مِنْ وَهَجِ الذِّكْرَى بِيَ اللََّهَفُ
تُقِلُّنِي لِمَدَى مَرْآكَ غَادِيَةٌ
والوَاخِذَاتُ بقَلبي أيْنُقٌ ذُرُفُ
مُحَمَّدٌ سَيّدَ الكَوْنَيْنِ مَعْذِرَةً
لوْ يَنْفَعُ العُذْرُ وُصَّافًا إذَا وَصَفُوا
وأنْتَ أَوْثَقُ مَنْ قَرَّتْ بِهِ أُمَمٌ
هَدْيًا وَأصْدَقُ مَنْ تَشْدُو بِهِ الصُّحُفُ
المُصْطَفَى الصَّادِقُ الهَادِي لمَكْرُمَةٍ
الخَاتِمُ الحَاشِرُ المَاحِي لِمَا اقْتَرَفُوا
مُنْذُ انْبِلَاجِ السَّنَا والرُّوحُ شَارِدَةٌ
زُلْفَى إلَى رَوْضِكَ المِعْطَارِ تَزْدَلِفُ
عَلَى هُدَى قبَسٍ مِنْ نُورِكَ انْفَرَطَتْ
آيَاتُهُ حِكَمًا لمْ يُؤْتَهَا سَلَفُ
يَا سَيِّدَ الثَّقَلَيْنِ مُذْ حَدَسْتَ سَنًا
وأسْبَلَ الوَحْيُ مِنْ عِطْفَيْكَ يُقْتَطَفُ
هَلْ كَانَ غَارُ حِرَاءٍ فِي مَفَازَتِهِ
إِلَّا مَحَارًا وَوَجْهُ المُصْطَفَى الصَّدَفُ
جَارَتْ عَلَيْكَ نَبِيَّ الَّلهِ طَائِفَةٌ
وإنْ أقرَّتْ بطِيبِ الغَرْسِ تَعْتَرِفُ
تبَّتْ يَدَا كُلِّ عُزًّى مِنْ أبِي لَهَبٍ
إلَى المُضِلِّينَ مِمَّنْ بَعْدكَ انْحَرَفُوا
أنْتَ المُجِيرُ المُعِزُّ المُنْجِدُ الوَرِعُ
الَّذِي تَنَاهَى إليْهِ المَجْدُ والشَّرَفُ
لوْ قَالَتِ الأرْضُ مَا فِي الأرْضِ مُتَّسَعٌ
لنَازِحٍ…وَسِعَتْهُ كَفُّكَ الأُنُفُ
أوْ جَفَّ بالحَرَمِ المَكِّيِّ زَمْزَمُهَا
سِرْنَا إلَى حَوْضِكَ الرَّيَّانِ نَغْتَرِفُ
أوْ مَسَّنَا الضُّرُّ مِنْ أهْوَالِ رَاجِفَةٍ
كُنَّا بِبُرْدَتِكَ الغَرَّاءِ نَلْتَحِفُ
فَمَا لِذِي وَصَبٍ إِلََّاكَ مُلْتَجَأٌ
وَلَا لِذِي وَجَلٍ إلَّاكَ مُنْصَرَفُ