عمر عاقيل
يستحق الجيل الذهبي للمنتخب الأولمبي استحقاقه وصف منتخب الأحلام بكل جدارة بعدما دخل تاريخ الأولمبياد كأول جيل مغربي يتوج بميدالية أولمبية ليحقق تاريخا جديدا للكرة المغربية، كامتداد للمنتخب الأول صاحب إنجاز مونديال قطر، وما يزيد من فخر المغاربة الأداء الرائع الذي قدمته النخبة الوطنية طوال مباريات البطولة ما مكنه من تقديم مستوى فني أفضل نتيجة لترابط خطوطه الثلاثة وانسجامها فضلا عن امتلاكه لأكثر من لاعب قادر على تحويل دفة المباراة وعلى رأسهم الهداف “الرحيمي” أفضل هداف في أولمبياد باريس. كتيبة السكتيوي قدمت أداء متزنا حيث بدت الصلابة واضحة في خطوطه الخلفية، بينما تكفل الحارس المتألق منير المحمدي بباقي المهمة، أما هجومه فكان العلامة الفارقة نظرا لتنوع الحلول و قدرته على ضرب أعتى الدفاعات معتمدا على تمريرات “أخوماش” الساحرة و النجاعة الهجومية للهداف سفيان الرحيمي، فضلا عن الحضور الوازن والمؤثر للقائد حكيمي الورقة الرابحة في قيادة المجموعة الوطنية. الإنجاز الأولمبي سيرفع من سقف طموحات وتطلعات كرتنا الوطنية خاصة إذا ما علمنا بأن معدل أعمار المنتخب لا يتجاوز الـ 24 عاما وهو ما يتيح مجالا كبيرا لسحب نطاق الإنجازات لنطاق أوسع، ومن يدري لربما نشاهد رفاق “الخنوس والعزوزي” يشكلون التركيبة المثالية لأسود الأطلس في نهائيات كأس العالم في أمريكا. المنتخب الأولمبي قدم أوراق اعتماده كورقة رابحة وأرضية صلبة ومثالية للعمل والإنطلاق ضمن مسار يضمن لنا منتخبا افريقيا قويا مع تحقيق الحد الأدنى من المكتسبات والنتائج المعقولة وفق إمكاناتنا وقدراتنا المعروفة، وهو المطالبة بتحقيق كأس افريقيا القادمة على أرضنا بكوكتيل مشكل من أبرز أسماء المنتخب الأول ولاعبي المنتخب الأولمبي، ما يعني أننا أمام وفرة كبيرة من الأسماء الوازنة المتاحة، ومشاهدة شكل ثابت وهوية لمنتخب يؤدي دوره وواجبه باقتدار ومسؤولية عالية، بعيدا عن التشتت والهوان الذي وضعه في مأزق الخروج المذل من نهائيات كأس افريقيا، ما يعني أن الأولمبياد قدمت لنا صورة منتخب أولي كخطوة لعلاج المنتخب الأول، والوقوف عند أي خلل فعلي، فالتغيير والإحلال لم يعد مجديا إذا لم تتغير المفاهيم، وتستمر عملية الإستمرارية في البناء. ما يهمنا بالدرجة القصوى أن نمضي في مسار البناء نفسه الذي يجعلنا قادرين على تطويع ما كان يبدو مستحيلا، وتحقيق الهدف من كل مشاركة خارجية، بشرط الأخذ بالمسببات والمعطيات بعد دراستها من جميع الجوانب، وكسر قاعدة مزاحمة كبار كرة القدم، التي تحطمت عندها أحلام كثيرين، بسبب الهاجس النفسي والإحباط الخادع الذي يصيب البعض في مثل هذه الحالات. مشاركات منتخباتنا الوطنية دائما ما تكون معيارا لتقييم المشاركة، وإنجاز الأولمبي يعد قاعدة ذات أهمية تبنى عليها النتائج والمكتسبات المرجو تحقيقها، ولعل التجارب التي مرت بها كرتنا خلال السنوات الأخيرة كفيلة بتقديم أفضل الدروس والعبر لتخطيط سليم يضمن لنا تجنب الأخطاء والهفوات التي اعتادت منتخباتنا الوطنية السقوط فيها، دون أن تكون هناك وقفة جادة وقراءة متأنية لواقع الحال كي يتم تقييمها بشكلٍ إداري ناجع بما انعكس بشكل سلبي لسنوات عجاف على سلسلة العمل الذي تميزت به منظومة الكرة المغربية، حتى صارت العديد من القرارات الترقيعية مع تعاقب الجامعات عرفا في المدرسة الإدارية، بل صارت نظاما تبنى عليه الأساسيات، حتى تأتي إلينا المرحلة القادمة بما يلبي تطلعاتنا بمنظومة عمل إحترافية وقوية ترمم داخل الجامعة تصل حد تطوير المنتخب الوطني المقبل على مشاركة أفريقية على أرضنا وبين جمهورنا.