عمر عاقيــــــــــــــــل
قد يبدو أن العصبة الإحترافية لكرة القدم كانت مقتنعة تمام الإقتناع، وباقي اللجان بالوصول إلى خط النهاية في البطولة الوطنية، بعد توقفات وتأجيلات لأسباب مختلفة، لكن المهتمين بالشأن الكروي، ومعهم المتابعين والجماهير، عبروا عن قلقهم من المستوى الفني، الذي لم يكن ملامسا لأدنى درجات المأمول، على مستوى قوة المنافسة وتقارب المستويات، وإفراز المواهب والنجوم، ولا ننسى الجانب التحكيمي، الذي بدا على غير ما يرام في حق الكثير من الأندية في حالات تحكيمية تدعو للذهول والإستغراب بالرغم من وجود تقنية الفيديو المساعد، وغياب روزنامة برنامج ثابت، ناهيك عن غياب الملاعب وترحيل الأندية قصريا خارج الديار، وإن كانت هذه الأخيرة، ليست منوطة بالجهاز الوصي على اللعبة وحده.
لكن الكثير من الملاحظات والانتقادات التي شابت الموسم الكروي المنتهى جعلته نسخة كربونية، عما سبقه من مواسم، إن لم يزدها سوءا، وتبقى المسألة الأكثر باعثا على القلق، خلو الساحة من اللاعبين المحليين البارزين الذين يمكن لهم أن يشكلوا علامة فارقة ويكونوا نواة للمنتخب الأول بإستثناء حالات قليلة جدا.
البطولة الوطنية لايمكن لها أن تكون متماشية مع الطموحات العريضة في بناء كرة قدم قادرة على الحضور ذي الطابع المنافس، في بطولات المنتخبات السنية الإقليمية والقارية والعالمية، وحتى على صعيد نتائج الأندية، فالمستوى المتواضع جدا لفرق هذه البطولة المسماة جزافا بالإحترافية على الرغم من الأموال الطائلة التي تنفقها في تنقلات اللاعبين وجلب المدربين بسخاء يدعو للدهشة، وتلك الضجة الإعلامية المفتعلة التي تواكب مراحل البطولة بغية إضفاء روح المنافسة الجوفاء، والإدعاء بوجود الإثارة والتشويق، في المنافسة على القمة، أو للهروب من شبح الهبوط، هذا المستوى لا يفرز مواهب، ولا يصنع نجوما محلية، قادرة على حمل قميص المنتخبات الوطنية.
ما يحدث تلقى فيه اللائمة على الأندية التي تتحمل الجزء الأكبر من هذه المسؤولية، بإهمالها للقاعدة، وعدم مبالاتها في العمل على خاماتها الواعدة، فتتوجه إلى تدوير اللاعبين فيما بينها بإغراءات مالية وعقود مبالغ في أرقامها.
سلسلتنا الكروية متآكلة في كثير من حلقاتها المفرغة، ولابد من إعادة النظر في كل شيء، إن أردنا تغيير الصورة بشكل جذري بما يتلاءم مع قواعد الإحتراف، أما إن كنا لانزال نبحث عن تحقيق النجاحات بالصدفة، فإن الترميم والتجميل، لن يأتي بأكثر من شعور زائف بالقناعة.
ومن تجليات اشكالياتنا الكروية أننا نخلط بين مفهومي الغاية والوسيلة، فالإحتراف الفعلي المبني على أسس صحيحة، ليس غاية بذاته، مع كونه هدفا كبيرا وطموحا مشروعا، وإنما تمظهر للهدف الحقيقي لتطور لكرتنا، وهو التطور البنيوي والقاعدي للحاق بركب الدول المتقدمة كرويا.
تغيب عن العمل الإحترافي أبسط المقومات والقواعد، على الرغم من مرور زمن طويل على تطبيق الإحتراف في كرة القدم، نجد أنفسنا مازلنا في مكان يبعد سنوات ضوئية كثيرة عن كوكب الإحتراف، وأننا لم نفقه من الإحتراف غير اسمه فحسب، ولم نلتزم بأي من معاييره وضوابطه، سواء أكان ذلك متعلقا باللجان أم بالأندية.