الكاتب والباحث طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : الرقم القياسي لاضراب طلبة كليات الطب والصيدلة

جسر التواصل24 يونيو 2024آخر تحديث :
الكاتب والباحث طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : الرقم القياسي لاضراب طلبة كليات الطب والصيدلة

طارق المعروفي 

بعد أيام قليلة، سيتم ربما تسجيل إضراب طلبة كليات الطب و الصيدلة في كتاب “جينيس ” للأرقام القياسية العالمية، ذلك أن طلبة هذه الكليات يخوضون إضرابا شاملا و مفتوحا عن التداريب الاستشفائية و الدروس النظرية ، مع مقاطعة جميع الامتحانات ابتداء من يوم 16 دجنبر 2023 أي منذ أزيد من 6 أشهر .و من الأسباب الجوهرية لهذا الإضراب القياسي، هو القرار الذي اتخذته الحكومة، و المتعلق بتقليص مدة الدراسة في كلية الطب من 7 سنوات إلى 6، لأن الطلبة و كما جاء على لسان الوزير، يهاجرون إلى الخارج و البلاد محتاجة إليهم حسب تعبيره .
إن تقليص مدة الدراسة، هو تقليص للمعارف و تقليص للتداريب الاستشفائية، و هي العمود الفقري للطلبة . فهل نحن نسعى إلى تكوين طبيب مؤهل و متمكن أم شبه طبيب؟ و هل نسعى إلى الكم أم إلى الكيف ؟ لأن المسؤولون لطالما يتحدثون عن الخصاص و معالجته بأي ثمن . و هنا يكمن الوعي و المسؤولية و المواطنة الحقة عند الطلبة ، لأنهم يطالبون بتكوين فعال ، و تداريب استشفائية مجدية،يطالبون بأن يكونوا في المستوى المطلوب عند تخرجهم ، خدمة للبلد و لا يطمحون في دبلوم و صفة ، لأن صحة المواطنين فوق كل اعتبار .أما الهجرة ، فلها أسبابها و مسبباتها ، و لا أحد يريد أن يهجر بلده حبا في الخارج، أو عدم رغبته في العيش في أحضان وطنه. كل واحد يريد فقط أبسط الحقوق من أجل التكوين الفعال و الخدمة الطبية المجدية .
كيف تعامل المسؤولون مع هذا الملف ؟
في بداية الأمر، قيل إن هناك جهات محظورة تريد خلق التوتر، إلا أنه سرعان ما تبين أن الإضراب له ثوابت و مطالب نابعة من الطلبة ذاتهم .
ثم قيل إن ممثلي الطلبة هم الذين يحرضون الطلبة و يمنعونهم من دخول الكلية، و في هذا احتقار للطلبة، و كأنهم قطيع تابع. و لهذا قرر المسؤولون الاستغناء عن ممثلي الطلبة ، و تمت إحالتهم على المجلس التأديبي الذي اتخذ في حقهم عقوبات .
ثم قال المسؤولون إنهم سيتعاملون مع آباء و أولياء الطلبة في شأن هذا الإضراب ، و جاءهم الرد على أن الطلبة غير قاصرين ، بل مؤهلين لتدبير شؤونهم بأنفسهم .
و توقف التحاور و النقاش، و الذي دام هذه المدة القياسية. و في الأخير تمسكت الحكومة بقرارها المتمثل في الدراسة لمدة 6 سنوات، و بعد هذه المدة يمكن للطالب أن يطلب تدريبا حسب مسطرة معينة، و حسب الاحتياجات و الخصاص و ما إلى ذلك، و التداريب اختيارية في تلك السنة أي السابعة حسب تعبيرهم .
و إلى يومنا هذا لا زالت الحالة كما هي، و ربما ستكون سنة بيضاء و سابقة في التاريخ . و الغريب في الأمر أن هذه الوضعية الغير السليمة ، لا تؤثر في الحكومة و لا المسؤولين المباشرين في القطاع ، و الدليل هو عدم البحث عن مخرج للأزمة لما فيه خير لصحة المواطن أولا و قبل كل شيء، و مصلحة الصحة العمومية التي يتباهى بها كل من يريد الوصول إلى السلطة .
أتمنى أن تتم تسوية هذا الملف بما يرضي الطرفين خدمة للوطن أولا، و تلبية لحاجات الطلبة العادلة ثانيا.كما يتعين الاهتمام بمنظومة الصحة، و تبدأ بالأساس بالكلية ثم المستشفى في الميدان.و يعلم الله ما ستؤول إليه الصحة العمومية في ظل ما نسمعه و ما نقرؤه.

الاخبار العاجلة