
عمر عاقيــــــــــل

الحديث عن تطوير مستوى البطولة وأنذيتها وتطعيم المنتخبات السنية باللاعبين الشباب، وحول آلية التطوير المعتمدة في بناء قاعدة اللاعبين الشباب، يبدو فيها أن التطوير الذي تنشده الأندية لا يبدأ من القاعدة وإنما من رأس الهرم كأسلوب عمل خاطيء تنتهجه إدارات الأندية. وعندما نقول إن التطوير يجب أن يبدأ من القاعدة فنحن نطالب هنا بتطوير القاعدة السنية التي تمثل الحجر الأساس والرافد الأساسي لمستقبل الأندية، لكن للأسف اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن أنديتنا تفتقر للكثير من أساسيات النجاح في عملها انطلاقا من المستوى التنظيمي والفني الإداري هذا عدا عن الوجع المادي الذي لا يمكن التغاضي عنه إطلاقا. حقيقة لا يمكن التغاضي عنها كون الفصل ما بين واقع أنديتنا والإهتمام بالفئات السنية وواقع منتخباتنا الوطنية وما تحققه من نتائج، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصل ما بين الواقعين، فلا يمكن أن نصل أو أن نبني منتخبات قادرة على المنافسة عربيا وقاريا في ظل أندية مهترئة ومفلسة وفقيرة من حيث القاعدة، هذا في ظل الإعتماد الكلي على أبناء الدوريات الأوروبية. النهج الخاطىء لرؤساء الأندية يلقي بظلاله على الأحوال السيئة التي تعيشها أغلب الأندية خصوصا في هذه المرحلة التي تحولت فيها هذه الأندية إلى ما يسمى بالإحتراف انكشفت فيها عورتها بالكثير من الخبايا الإدارية السلبية ولعل أبرزها مايتعلق بالجانب المالي، من خلال تخصيص الحيز الكبير من خزينتها المالية في تدوير اللاعبين بما يفوق حجمها المالي. من المفترض أن تتكون لدى الأندية صورة حقيقية على تكوين أرضية صلبة لدى اللاعبين الشباب، بحيث تكون هناك استراتيجية واضحة المعالم ومستقبلية على المدى البعيد، مبنية وفقا للواقع الملموس، وليست أحلاما تتراقص مع مجيء كل رئيس جديد، بالشكل المطلوب الذي يدفعها للتخلص من فكرة الإتكال على سوق الإنتقالات، والحالة العشوائية التي تتعامل بها حاليا كزبون دائم في تدوير الفشل كل موسم، سياسة تضررت منها لسنوات عدة جراء عدم وجود خطة محددة تعمل عليها الإدارات المتجددة. تكوين شخصية اللاعبين بالفئات السنية يحتاج إلى عمل حقيقي، مثلما يحدث في معظم الدول الأفريقية التي تطورت بشكل كبير جدا على مستوى القاعدة، لأن ما خسرته أنديتنا خاصة ما تسمى بأضلاع الكرة المغربية، هو ما باتت تحتاج إليه اليوم في ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ الصعبة، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻒ ﺃﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ، ﺫﻟﻚ إﺫﺍ ﻣﺎ أﺭﺍﺩت ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﻟﻬﻮيتها الحقيقية الضائعة، إنه الإرث، ﻭﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﻤﺘﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ، ﺍﻟﺘﻲ للنادي حاجة اليوم ﺃﻥ يقف ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻳﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻌﻬﺎ بمختلف ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻷﺧﺮﻯ، وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ كثير من النوادي العربية والأفريقية، ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺼﻐﺮﺓ، ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻜﺮﺭ، ﻟﻤﻦ أﺭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻤﻌﻦ ﻭﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ، ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ لتلك النوادي، ﻭﻛﻴﻒ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻱﺀ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﻤﺘﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ تتمسك ﺑﻬﺎ، ما مكنها اليوم أن تستمر في نجاحاتها، بالإتصال بجماهيرها وماضيها وانجازاتها. مما لا شك فيه تبقى الأندية هي الأساس في بناء منظومة الكرة المغربية كل ذلك من خلال منهجيتها السليمة في بناء القاعدة الأساسية التي تفرز بناء أجيال المستقبل كمادة أساسية، كمنظومة متكاملة تقوم بتفريخ للمواهب وصقلها، وتأسيس المنتخبات الوطنية في جميع المراحل السنية، كمنهج مهم في استمرار وانتظام تنفيذ مناهج البناء والتطوير، ومن هنا يفرض السؤال نفسه بواقعية : هل تقوم الأندية المغربية بواجباتها كما يجب وهل هي فعلا جديرة بتوفير مقومات النهوض والتطور الكروي في عصر الإحتراف؟ للأسف واقع الحال يشير ويؤشر حقيقة افتقاد الأندية إلى الكثير من مقومات النجاح التي تتيح لها فرص تأدية متطلبات الحد الأدنى من واجباتها ومهامها والتزاماتها تجاه كرة القدم المغربية، أندية مفتقدة للكثير من المؤهلات التي تضمن لها مسايرة إيقاع الإحتراف، ومعاناتها المالية التي تمثل العجز الحقيقي في أداء ما يفترض أن تقوم به من مهام وواجبات، وإذا كانت تلك الإرهاصات العصيبة قد فرضت نفسها بقوة على واقع عمل الأندية، إلا أن ادارات معظم أنديتنا هي إدارات فرضتها صناديق الاقتراع لكنها في ذات الوقت إدارات فاشلة وولد الكثير منها من واقع فاشل تعيشه الأندية نفسها بما في ذلك الأندية العريقة والكبيرة ولعل ما تمر به تلك الأندية وماتزال من منعطفات وتجاذبات وصراعات مختلفة الأسباب ومتنوعة الإرادات يعكس لنا بشكل صريح الواقع المزري الذي تعيشه، برغم أن مشكلة الأندية تكاد تشكل بعضا من كل في واقع الأزمة الحقيقية التي تعيشها الرياضة المغربية في جانب التكوين القاعدي.