القصر الكبير : مصطفى منيغ
الحاضِرُ بما حَضَرَ ممَّن تحمَّسوا في الماضي للتغيير فيما حسبوه أصدق قرار ، فتوقفوا عند أول سطر لنص يُدوِّن الاستعداد للمستقبل ليختاروا الفرار ، المحسوب على التمويه وليس التنفيذ المنتَظَر ، ليتقدم الحاضر دون إزاحة مَن بسببها يتأخَّر ، ليبقى زمناَ متجمِّداً بما فيه وما عليه في مكانه يتكرَّر ، بين اجتماع واجتماع اجتماع بجدول أعمال بينها يتدوَّر ، كأن الإصلاح المنشود عدو لذود بغير توفُّر الإرادة السياسية لن يتقهقر ، قائم يظل شعاراً على ألسنة صنف من البشر ، بعضهم لا يتقنون المعارضة المحقِّقة الانتصار ، وإنما قطعة جبن مستورد بياضه يستهوي المتظاهرين بالتقدُّمية وهم عن ذلك صغار ، هندامهم خيمة ورزقهم بالكامل مُقَدَّر ينسبونه للأقدار ، بخلاف من يتلقون التحية العسكرية أينما حَلُّوا بالليل أو النهار ، لا يتحدثون إلأ بالأوامر وإن سكتوا فعن غريب اختيار ، كل شيء يُمَرّرَ بمن حضر خلال حاضر طال بتدخل بعض الكبار ، حكام مثلهم البعض في العالم العربي لا يطيقون مَن يقلدون الثوار ، يحمِّلونهم دوماً مهما كانت العوامل او الظروف سوء أحوال الاستقرار . موريتانيا وكانت محترِمة نفسها كدولة ناشئة لا يُسمَع لها صُداع ولا يتصاعد منها عيب وبخاصة داخل إفريقيا ، بشعب كريم طيِّب محبٍّ للحرية بكامل مفهومها ، المُفعم بتقدير المسؤولية والانطلاق منها لممارسة تصرفاته المستمدة من القيام بالواجبات أو التعبير عن الرأي الشامل مختلف المستجدات لقضايا تتخلل مسيرته نحو التطور المنشود ، لكن الاحترام المذكور والحديث هنا عن الدولة كجهاز قيادي تنفيذي ، تأثر بأعمال غير مناسبة تناقض الطرق القويمة المفروض إتباعها غبر مراحل البناء لخدمة الشعب ، منها مسألة تسرّب إسرائيل لتُقابَل بالأحضان من طرف الحاسبين أنفسهم مجرد باحثين عن منافع شخصية ، خالية تماماً من صلاحية شعب يدافع عن وجوده ، ليستمرَّ كما شاء نظيفاً مرفوع الرأس مُهاب الجانب ، فكان الانقلاب على ذاك الرئيس المستحق عن جدارة لقب صديق الكيان الصهيوني ، بمثابة عقاب يُذكِّر ألمنعدمي التفكير في قدرة سلطة الشعب التي تسمو فوق أي سلطة مهما كانت ، أن مصيرهم السقوط في شر قراراتهم الخارجة عن إرادة الشعب الموريتاني العظيم ، ما تلى ذلك اعتلاء كراسي الحكم مَن كرَّسوا سياسة ملء جيوب “قلة ” على حساب صبر أغلبية دفعها اليأس أحيانا إلى الانشطار عن الوحدة الجماهيرية لتأسيس مجموعة من التيارات السياسية ، كل منها يسبح في عالم خاص بمستوى أفكارها ، أكانت محلية وطنية أصيلة صرفة ، أو مستوردة من نظريات مهما بدت براقة لا تناسب بيئة بلد أفريقي عربي مسلم في طريقة إلى النمو ، فكانت الحصيلة أن حكمت المحكمة على رئيس سابق للدولة الموريتانية بخمسة أعوام حبساً نافذا عن فسادٍ حَصَدَ على إثره ما استولى عليه بطرق غير شرعية تضرب عرض الحائط ملكية الشعب لها .
… الآن موريتانيا مرشحة للدخول في نفق لا مخرج لها منه إن ظلَّ نفس النمط مسيطراً على تدبير الشأن الوطني ، من لدن عقلية تسعى بكل السبل أن يتشبث الحاضر بمن حضر وعلى المستقبل الانتظار ، لا يهم الغد إن أتى بمن يورط الحكم الآني أزيد وأكثر ، مادامت القطيعة بينه و قوى الشعب الحية في تنامي وازدهار ، انطلاقا من فبراير 2024 حيث نجح رئيس حكومة المملكة الاسبانية “بدرو سانتيش” ورئس المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاين ، إثر زيارة رسمية قاما بها إلى نواكشوط ، من أجل التوقيع على اتفاقية تؤكد أن الحكومة الموريتانية ، ابتاعت مصيبة المصائب بأبخس ثمن ، وبدل الربح الوفير بضمان الحصول على تعاون مثمر يعود على موريتانيا بالنفع ، جلبت الصداع المتطوِّر ولا شك ، لإصابة المجتمع الموريتاني بعدد من المآسي الاجتماعية ، القادرة مع توالي الأيام على إزاحة مقومات الهوية الذاتية المحلية للشعب الموريتاني عامة ، بما يضاف إليها من عوامل دخيلة غير مناسبة لها تماما .