مراكش. محمد صقلي
لا مرد لقضاء الله. و من موجبات الطاعة الرضى بالقضاء.
ودعت باكرا . ودعت يانعا شحرورا على شجرة فيحاء غنية بالثمار و القطوف. لكن لم يسعفها الموسم ولا واتتها الفصول.
صوت من خامة البلور . يجمع القوة و الرنة و الطرب .
عبدو الشريف و بعد ازيد من ثلاثة عقود في الحقل الفني. و بعد النجاح المدوي له بدار الاوبرا بالقاهرة و الذي كان الانطلاقة الحقيقية لهذا المطرب و الفنان الاستثنائي و الحدث الذي تحول به من مطرب مغمور الى نجم واسع الشهرة عربيا. و في الحفل اياه قالت الصحافة المصرية عنه انه تفوق على عبد الحليم في ادائه لأغنية جبار .
وهو بالفعل يجمع الأداء الذكي من عبد الحليم و الدكالي. و عمق الاحساس و الشجن لدى الحياني. و كأنما تسمعهم جميعا في صوت واحد. انه عبدو الشريف.
و رغم حضوره في حقل المغنى طوال ثلاثة عقود غير انه لم يتحقق له المطلب الحقيقي لكل مبدع و فنان. وهو العمل الغنائي الذي ينفرد به و اللحن الذي وضع له خصيصا.
عزيزة جلال لو لم تغادر صوب القاهرة و الخليج لما كان لها صيت. و العكس هو ما حصل لعبدو الشريف الذي ظل رهين تقليد الكبار حتى ليكاد يتجاوزهم في ادائه الباذخ الشامخ.
خسارة بالفعل. ان تضيع طاقة بهذه المواصفات المذكورة جوهرا وشكلا.
عبدو الشريف. كما لو هو مايسترو اصوات.
حيث القوة توأم العذوبة و التعبيرية تعانق الطرب في أفق من امتاع و إبداع و مع مسحة من شجن بالقدر الذي يجب و رنات فرح.
لوكان عبدو الشريف في القاهرة او بيروت و بلاد الخليج لكان العطاء اوفر و اغزر..
ذلك ان القوانين و دواليب الانتاج و المنظومة الإعلامية جميعها قنوات مفتوحة متكاملة يفضي بعضها لبعض. مما يفتح ٱفاقا شاسعة امام المبدع. عكس ما هو ساري المفعول عندنا. إذ لازالت جملة من القوانين بحاجة إلى تنزيل.و حقل الانتاج يحتكره و يستفرد به الإشهار. و هذا الأخير يصرف همه بالكامل للتسلية و الترفيه كما هو سائد في القنوات التلفزية.
هناك في بلدان الشرق دور اساسي و تاسيسي لمتعهدي الحفلات الذين يرقى اهتمامهم إلى المشاركة في عملية الإنتاج
و المنافسة على الجودة و الجدة بينما اقتصر همهم عندنا على السباق نحو الحفلات و الاعراس مما افرز وجوها عديدة و اصوات شتى ترتزق بالفن و المغنى في المطاعم و الفنادق و الكباريهات.
عبدو الشريف. كانت له كل المؤهلات لاكتساح النجومية من اوسع الابواب. لكن قدر الله ما شاء فعل.
و ستبقى في الذاكرة. و لن يطالك النسيان…
