الفنان المتعدد “محمد بن عبد الله الجندي”: من الصخب الجميل, إلى الصمت الطويل قبل موعد الرحيل.

جسر التواصل6 مارس 2024آخر تحديث :
الفنان المتعدد “محمد بن عبد الله الجندي”: من الصخب الجميل, إلى الصمت الطويل قبل موعد الرحيل.

بقلم : عبد المجيد فنيش  مدينة سلا ، يوم الاربعاء6 مارس2024

على نقيض الفيض في الحيوية الفنية التلقائية التي ميزت حياته المهنية ، يرحل عن دنيا الناس الفنان المتعدد ” محمد بن عبد الله الجندي” ، بعد ان عاش ردحا من السنوات العجاف الأخيرة بعيدا عن الأضواء ماخفت منها و ما توهجت.

في غفلة عن الجميع ، يرحل هذا الممثل المولف الشاعر الزجال الذي ما كانت الابتسامة لتفارق محياه، وما كان ليجد متعته إلا بان يتاكد من طيب صدى جميل تعبيره الفكاهي بنكهة الناقد الثاقب، و بلسان حال الفنان الذي تربى و ارتقى في مدارج الثقافة الشعبية ، من خلال الارتباط بعاصمة عواصم التعبيرات الجمالية الشعبية ” مراكش/ البهجة”.

لقد ازدان عقد فقيدنا العزيز بحلة من الحلقات التي انطلقت مع فتوته في اطار مسرح الهواة ، ثم إلى جانب عميد اسرة ” الجندي” القيدوم الباذخ ” محمد حسن الجندي”، مرورا بحضور بهي كممثل في فرقة التمثيل العربي بالإذاعة الوطنية ، وكممثل في عشرات الأعمال المسرحية مع اكبر المولفين والمخرجين، وصولا إسهامه الواضح في بلورة ملامح فرقة ” مسرح فنون ” التي جاءت منذ زهاء اربعة عقود بمبادرة من الفنانة الأيقونة ” فاطمة بن مزيان” رفقة ابنها البكر الفنان الاصيل” انور الجندي” رحمة الله عليهم جميعا.

الراحل ” محمد بن عبد الله الجندي” تألق كمولف لعشرات الأعمال الدرامية ( تمثيليات ومسلسلات اذاعية- مسلسلات و أفلام تلفزيونية..)، و كان له فضل كبير – عبر تلك الأعمال- في اكتشاف اسماء هي الان تمثل واجهة مشرقة في الدراما المغربية.

وكم كانت للفقيد لحظات درامية مغربية لها اثرها في الذاكرة ، كما كانت له لحظات اظهر فيها- إلى جانب كبار الممثلين العرب والأجانب-علو كعب مثير، خاصة في الدراما التاريخية الناطقة بالعربية الفصحى، حيث سيظل واحدا من الممثلين المغاربة الذين ضاهوا اجود الممثلين من المشرق العربي ومن الشام، نطفا وتعبيرا و صمتا و حركة.

والفقيد المحبوب هو ذو حس شاعري رقيق ، و قد أظهره في الكثير من كتاباته الدرامية من خلال ازجال، منها ما تمّ تلحينه وأداؤه من بعض المطربين المغاربة.

انه لمن الصعب جدا الإحاطة – في هذهالوقفة- بجل مظاهر الحضور الفني للراحل، ولكنها مجرد لحظة تعبير تحت ضغط خبر الرحيل ، وبذلك فما هي إلا وقفة وفاء لروح الأخ الصديق ” محمد بن عبد الله الجندي ” الذي ربطتني به علاقات محبة و مودة وتقدير وقد توطدت وارتقت بكل صفاء، حين اشتغل معي في أعمال مستوحاة من ادب الملحون، و اخرى من تاليف استاذنا “عبد الكريم برشيد”

وللتذكير ، فإن آخر ظهور لفقيدنا في نشاط فني ، كان يوم 2 غشت 2023, حيث تم تكريمه في حفل اختتام الدورة 13 لمهرجان “مقامات” الذي نظمته جمعية ابي رقراق بحضور أزيد من 500 مدعو , استحضر اللحظة انهم وقفوا طويلا تحية لأخينا “الجندي” لحظة تسليمه درع وشهادة التكريم، وهوى في أبهى حالاته متحديا كل عوامل الانكسار الجسدي والنفسي.

اسال الله تعالى ان يشمل عزيزنا الفقيد بواسع المغفرة والرحمة ، وان يسكن روحه الطيبة في جنات الفردوس الأعلى ، وان ينعم بالصبر الجميل و السلوان العميم، على كل افراد اسرته وعلى كل الاهل والأصهار وأصدقاء ورفقاء الدرب الفني.

أنا لله وانا اليه راجعون.

 

 

الاخبار العاجلة