وأنا اتابع باهتمام بالرباط اليوم الدراسي حول ” بطاقة الفنان” الذي نظمه مشكورا النقيب أحمد العلوي بحضور ثلة من الفنانات والفنانين والمهتمين، أحسست حينها وأنا أستمع إلى التدخلات أن الامر يتعلق بمخاض عسير يعيشه الجسم الفني ،مهما طال سيولد من رحمه جنين شرعي سيكبر إن وجد من يرعاه بكل حنان . مع توالي النقاشات استنتجت أن الولادة ستكون عسيرة ولن تكون طبيعية، ستخضع لامحالة لعملية قيصرية، وسترزق الساحة الفنية بمولود يتمتع بصحة جيدة. لكن فترة الحمل البيولوجية تجاوزت تسعة أشهر، وظل الجنين يراوح مكانه، يتحرك تارة وينام مرات. فترة الحمل تجاوزها الزمن والخوف كل الخوف أننا بصدد انتظار ” الراكد” الذي لا نضمن قابليته للحياة والتعايش معها، وسيظل خاضعا للمضادات الحيوية لاستمرار عيشه معنا والتناغم مع فضاءاتنا الحياتية.” الراكد” لا نعرف عمره الحقيقي، وهل هو شرعي ام لا، وهل موجود بالفعل، أم هي عادات وتقاليد وإشاعات لإخفاء علاقات غير شرعية.
مهما يكن فإن تواجده معنا سيعطينا نوعا من الدفء، ويجعلنا نتغلب عن صعوبة الحياة معه والشعور بنوع من الاطمئنان على الأقل.
لكن رغم هذا التخوف يظل إحساسي إيجابي وأنا أتابع هذا النقاش الصحي، تيقنت حينها أن هذا المخاض يسهر عليه طاقم مختص ،يعرف دوره ،وستكون تدخلاته في الوقت المناسب إن حصل مكروه لا قدر الله.
وأريد هنا أن أدلي بدلوي في هذا النقاش لأقول لإخواني أن الأمر يتعلق بحق من الحقوق ، وجب انتزاعه بكل فخر واعتزاز، لأن الحق ينتزع ولا يعطى. وأنصح المحاورين في هذا الملف الذين يدافعون عنه، أن يتخذونه نقاشا وحيدا دون الالتفاف حول مواضيع هامشية لا قيمة لها، وأن لا ينجروا لحوارات قانونية جافة، فالأمر ليس هكذا بتاتا، ابقوا في صف واحد. وناقشوا الموضوع من زاوية قوة. قوة تستمد روحها من قيمة الفن بعينه، واستحضروا رجالاته الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل إسعادنا.
الموسيقى لها دورها التنموي والاجتماعي والاقتصادي، فهي مرآة الشعوب. النشيد الوطني بحمولته الوطنية ، لاتستقيم حماسته إلا بوجود كلمات حماسية لها دلالاتها وبلحن موسيقي يحرك خلايا الوطنية داخل قلب كل مغربي حر. أرجو أن يكون هذا المولود عبارة عن “مدونة الموسيقى” تستجيب لكل مطالب الفنانات والفنانين. القوانين وحدها لاتكفي. صحيح أننا تحت غطاء دستوري يضمن الحقوق لكل المغاربة، ولكن وضع مدونة ” مغرزة” تقينا من كل الخروقات. فالشرطي أو الدركي يتعاملان مع السائقين من منطلق مدونة السير، وكذا فيما يتعلق بالزواج أو الطلاق، تكون مدونة الأسرة هي الحاسمة، ومن أجلها خلقت محاكم الأسرة، وقضاتها. أتمنى أن لا يطول هذا المخاض ويضع الجسم الفني مولودا بصحة وعافية.