
مراكش. محمد صقلي
منذ النشأة الأولى وأنا ضحية هجوم كاسح من قبل الكتاب.
وليت الخصم في هذه الحرب كان عدوا حقيقيا. و من حقنا رد العداء او الرد بالمثل.
لا أكاد اخلص بجلدي سالما و سليما إلا وجدتني أسير معركة ثانية و ثالثة. و هلم
صراعا و سنوات عجاف تباعا.
هو الكتاب. سلاحه سطوة كهربية. و تيار مغناطيسي. و كانها حرب جرثومية.
اتحدث هنا من موقع المعيش اليومي.
بعد ما هجر القوم الصحف الورقية الى….
و انخرطوا جميعا بل انغمسوا في أروقة او مستنقعات اليوتوب.
قلت في نفسي اذا غاب الكتاب على الورق فهو لا زال له بعض الحضور او الحضور الشاحب على اليوتوب و الويب… الاهم مؤشر ضمان على انتعاش المقروئية.
او ما إذا تغلبت ميكانيكية الصورة المتحركة او الثابتة على النص المكتوب. فبكل تأكيد ان الاجيال الناشئة و حتى بعد التخرج يجدون أنفسهم منجذبين الى نسق المشاهدة بديلا محتملا عن القراءة.
و ان التصوير و انتاج الكاميرا التي صارت طوع اليد في البورتابل حل محل الأبجدية ربما في غالبية اللغات.
و هكذا و بسرعة فائقة نرى الفرد في هذه المرحلة من عمر العالم يتحول من قارئ الى مشاهد او الى متفرج. و الغلبة ستكون للتكنولوجيا التي ستحيل الكتاب إلى التقاعد.. لتستفرد هذه التكنولوجيا بنسب عالية من إقبال ساكنة العالم كمصدر أساسي و مركزي في تلقى المعرفة. و ذلك افقيا لدى العموم و عموديا بالنسبة للباحثين الاكاديميين الذين لم يعودوا يلتمسون المراجع من المكتبات و إنما يتابعون تخصصاتهم عبر E.Book الكتاب الإلكتروني.
بالمحلصة يبقى التعاطي مع الكتاب تحت صهد هذا التحول كما لو صار الشخص قطعة من الماضي بصدد استنفاذ عمرها الافتراضي. ثم الى خانة المتلاشيات.
اخوف ما أخشاه أن تفقد المعرفة سبيلها الى عقول التائهين الذين يزعمون تملك زمام العلوم. و هي العلوم التي ستكون ضمانة في رهان السيطرة على المستقبل.