شيخ العيطة الحسين السطاتي لجسر التواصل :أكتب حاليا في الفصول الأخيرة من روايتي التي اخترت لها مؤقتا عنوان “العين الزرقاء”، وقد استلهمت أحداث هذه الرواية وشخصياتها من “عيطة العين”

jisr25 ديسمبر 2023آخر تحديث :
شيخ العيطة الحسين السطاتي لجسر التواصل :أكتب حاليا في الفصول الأخيرة من روايتي التي اخترت لها مؤقتا عنوان “العين الزرقاء”، وقد استلهمت أحداث هذه الرواية وشخصياتها من “عيطة العين”

جسر التواصل الرباط

جسر التواصل : أولا مرحبا بك مرة أخرى ب “جسر التواصل”، هناك من القراء  من لا يعرف من هو الفنان الحسين السطاتي، هلا عرفت بنفسك ؟
الحسين السطاتي: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية خالصة للجمهور الكريم، وجزيل الشكر لمنبركم الإعلامي   “جسر التواصل المغربية” على الاستضافة وتشجيعها الدائم للفن وللفنانين من كل الألوان الفنية،..أعرف بنفسي: اسمي الكامل المحبوب الحسين بن محمد، واسمي الفني والأدبي “الحسين السطاتي”، فنان شعبي، موسيقي عازف كمان ومغني لفن العيطة “شيخ للعيطة”، من مواليد 28 ماي 1973، كاتب قاص وروائي وشاعر زجال، ودركي متقاعد برتبة “أجودان”..متزوج ولي ثلاثة أبناء “بذرة وريحانة ومحمد”.

جسر التواصل: فيما يتعلق بالجانب الفني الموسيقي أعدت مؤخرا تسجيل عيطة مرساوية، وأغنية عاطفية اجتماعية بعنوان “بنت خالي”، قربنا أكثر من هذا الجديد الفني؟
الحسين السطاتي: أعدت تسجيل وغناء عيطة ” اللي بغا حبيبو”، وهي عيطة مرساوية عاطفية من التراث العيطي المغربي، وأغنية شعبية بعنوان “بنت خالي”، وهي أغنية عاطفية اجتماعية، تطرقت فيها إلى موضوع اجتماعي، وهو زواج الأقارب، بمعنى زواج العائلة، وقد طرحت الأغنيتين على قناتي بموقع اليوتيوب التي تحمل اسمي “الحسين السطاتي”.

جسر التواصل: ما رأيك في زواج العائلة، خصوصا وأنك كتبت ولحنت وغنيت أغنية “جيبو ليا بنت خالي”؟

الحسين السطاتي: فعلا أنا مع زواج العائلة، بمعنى زواج الأقارب، بحكم أنني متزوج لأزيد من ثلاثة عقود بقريبتي “بنت ولد عمي”، وقد قمت بكتابة كلمات أغنية “بنت خالي”، وقمت بتلحينها رفقة الأستاذ الموسيقي الملحن “مغران يوسف”، وهي ذات إيقاع خفيف سريع ولحن شعبي راقص، تحكي الأغنية قصة شاب يحب ابنة خاله، ويطلب من عائلته تزويجها له، وغنيتها في السهرات والحفلات.. وقد لاقت الأغنية استحسانا وتجاوبا من طرف الجمهور، إذ صارت بعض الفرق الموسيقية تغنيها في الحفلات والأعراس، وهذا شيء جميل يدل على نجاح الأغنية، كما اتصل بي بعض أصدقائي من الفنانين الشعبيين وطلبوا مني الإذن بإعادة تسجيلها وغنائها في حفلاتهم العمومية، ووافقتهم على ذلك، وقد أسعدني هذا كثيرا، تأكدت من خلاله أن رسالتي قد وصلت إلى المتلقي.

جسر التواصل: ما هي الرسالة التي تود تمريرها بطرحك لهذا الموضوع؟
الحسين السطاتي: أود أن أبلغ للمتلقي أن الزواج لا ينجح بصلة القرابة مع العائلة أو بعدمها، الزواج هو رباط شرعي مقدس بما أحله الله سبحانه وتعالى في ديننا الحنيف، يبنى على الحب والقبول والموافقة والرضا بين الطرفين، وليست هناك محرمات أو موانع تحول دون زواج الشخص من بنت العم أو بنت الخال أو زواج البنت من ابن العم أو ابن الخال، فكثير من الأشخاص يتهربون ويتخوفون من زواج العائلة، فأي زواج له سلبيات وله ايجابيات، ويمكن أن ينجح كما يمكن له أن يفشل، وليست هناك قاعدة ثابتة ليكون الزواج ناجحا، أنا أؤمن بالحب كما أؤمن بالقسمة والنصيب، وعلينا أن نتحدى المشاكل والعراقيل الزوجية بالحب والمودة والتفاهم والتنازل أحيانا والتغاضي كي نحافظ على سلامة الحياة الزوجية، وفي كثير من الأحيان يلاحظ أن مراعاة صلة القرابة بين الزوجين يحكم قبضته على خلافاتهما أمام ما تفرضه رابطة الانتماء لنفس العائلة من قيود، لذلك نجد أحيانا أن العلاقة العائلية تقوم بدور مقوم لسوء التفاهم أو حتى عدم الانسجام، هذا الوضع ينطوي على محاباة اللُحمة المرتبطة بالانتماء والاشتراك في نفس الجد سواء من جهة الأم أو من جهة الأب، والحصيلة في النهاية الحفاظ على صلة القرابة والمصلحة العائلية على حساب الراحة والسعادة الزوجية، وزيجات من هذا النوع تحسب خطواتها على إيقاع الخوف من الإساءة إلى العائلة ولروابطها الموصولة بعبارة “الدم اللي بيناتنا”، التي تدفع للتنازل عن الحق في سبيل صيانتها من الانهيار، وبحكم تجربتي الزوجية من قريبتي، حيث تربطني بزوجتي قرابة أبناء العمومة، والحمد لله مازالت علاقتنا مستمرة لأزيد من ثلاثة عقود من الزمن، بمعنى أن زواجنا تعدى مدة ثلاثين سنة، فعلا نحن كسائر الأزواج تحصل بيننا أحيانا مناوشات ومشاكل، لكننا نتغلب عليها ونحلها مع بعضنا البعض، ونتجاوزها بالصبر والتفاهم والحوار والتسامح، حتى تستمر عجلة الزواج في الدوران، ولكن للأسف الشديد وبحكم تجربتي البوليسية الدركية بصفتي كنت دركيا ضابطا للشرطة القضائية والعسكرية، بحثت في جرائم قتل وحوادث انتحار بسبب وقوف العائلة مانعا أمام زواج حبيبين قريبين ببعضهما البعض لا لشيء سوى أن عائلتيهما رفضوا تزويجهما لبعضهما بسبب خلافات أسرية.

 

جسر التواصل: بحكم أنك متزوج زواج العائلة استمر لأزيد من ثلاثين سنة، هل تدخل العائلة المتصاهرة في مشاكل الأبناء مرده إلى الرغبة في تأمين علاقة القرابة من القطيعة أكثر من أي دافع آخر، أو من شأن هذا التدخل أن يفسد الحياة الزوجية ويؤدي بها أحيانا إلى الانهيار؟

الحسين السطاتي: ذلك يتوقف على الزوجين ومدى ثقتهما في نفسهما، وثقافتهما وحبهما لبعضهما البعض، وتوافقهما وانسجامهما تحت سقف واحد، ولا يمكن الجزم والحديث عن زواج العائلة كواقع سلبي أو ايجابي، فأحيانا عندما يتم احتواء المشاكل بين العائلة المرتبطة بعلاقة مصاهرة، فإن هذا الإجراء يدخل في باب اللازم والضرورة، لأن الأساس العائلي القائم على رابطة الدم والشجرة الواحدة يجب أن يبقى صلبا ومحصنا أمام كل هزة أو إثارة تهدد الكيان العائلي ومن تم تهدم الكيان الزوجي، عاملين بمنطق “خيرنا ميديهش غيرنا”، مقابل ذلك عندما تصبح للمشكلة تداعيات مؤثرة على المستوى العلائقي والنفسي والاجتماعي فتدبيرها يكون معقدا، هذا التأثير يمتد حتى ولئن كان ضمنيا ولو ثم الصلح بين الطرفين، كما يمكن أن تصير العلاقة الزوجية ميدانا للمنازعات والمشاحنات بين الأهل، ومجالا لاستخدام التحالفات بين أفراد العائلة الواحدة من أجل التأثير، واستمالة أطراف للضغط، وبالتالي يتحول بيت العائلة إلى ما يشبه حلبة صراع التي قد يتعارك فيها أجيال الآباء والأبناء. وقد تنجح زيجات الأقارب فيما تفشل فيه الزيجات التي لا تربطها أية قرابة عائلية.
جسر التواصل: هل في نظرك يمكن أن تصبح العلاقة العائلية التي يتخللها زواج العائلة قابلة للانهيار أمام أي مشكل يحدث بين الزوجين؟

الحسين السطاتي: هذا محتمل أن يقع، فأحيانا قد يكون زواج العائلة زواج مصلحة، معد سلفا على مقاس كبار العائلة، كالرغبة في تحصين ثروة العائلة من امتداد الدخلاء والغرباء، وقد لا تخلو هذه الأنواع من الرابطة الزوجية من مظاهر الاضطراب التي تمتد خارجها، بحيث قد تتفاعل معها أسر الزوجين بشكل يجعلها طرفا أو متدخلا كوساطة، وهذا الامتداد يبدأ في بعض الحالات من فعل المصاهرة نفسها، حينما تصبح واقعا في حياة الأسر، وذلك مثلا من خلال العلاقة المتوترة بالحماة، أو العلاقة المشحونة بالحسد والغيرة مع أخت الزوج “السليفة”، أو عدم احتمال الزوجة العيش مع أسرة الزوج، مما يؤدي إلى تمزق في العلاقة بين الزوجين وبين أسرتيهما، هذا الاحتقان قد يصل حد العداوة التي تقضي على الروابط العائلية، وهو الأسوأ في الزواج الذي يحدث بين العائلات التي ترتبط بعلاقة قرابة، فالنزاع الزوجي ليس له هوية ولا انتماء، إنما هو نزاع بين شريكين، والأكيد أن الخلافات بين الزوجين تتراوح بين العادي والمركب، إلا أن التجاوب معها قد يكون بكيفية متوترة ومنفعلة جدا، في مثل هذه الحالة عادة ما تتدخل العائلة من أجل التهدئة وترطيب الأجواء والصلح بين الزوجين، غير أنه في بعض المواقف يساهم هذا التدخل في صب الزيت على نار المشكل، وتأجيج النزاع الزوجي إلى درجة الانخراط فيه كطرف أساسي، وهو ما قد يتسبب في تشتيت عش الزوجية ويؤدي إلى الطلاق، وقد يتعدى الأمر إلى ارتكاب جرائم تدخل فيها الأسرتين، نتيجة تعكس كيف يختلط في النزاع الزوجي الفروع وهم الأزواج، بالشجرة التي تحيل على العائلة كاملة.

جسر التواصل: في نظرك كفنان شعبي “شيخ للعيطة” وكاتب قاص وروائي، ما هي الدوافع التي تجعل بعض العائلات تفضل زواج الأقارب في الوسط المغربي؟

الحسين السطاتي: في نظري الشخصي أعتبر أن الزواج بين أفراد العائلة الواحدة، هو حالة علائقية وبنيوية قائمة في المجتمع المغربي منذ القديم، ومن مميزات هذا الزواج؛ الحفاظ على الأصول واعتباره من الناحية النفسية عامل ثقة لنجاح الرابطة الزوجية التي تعمل اللحمة العائلية على ضمانه، تعليل يحول هذا النوع من الزواج إلى تعاقد عائلي يتوخى منه تقوية البنية العائلية، أكثر مما هي عليه، والأكيد أن زواج العائلة تتحكم فيه اعتبارات ثقافية واجتماعية تتمثل في الحفاظ على رابطة الدم وعلى الاستمرارية العائلية بالضرورة، إذ ينبغي التوضيح أنه بالقدر الذي يكون فيه هذا النوع من الزواج محبذا ومفضلا لدى البعض، بقدر ما يكون موضوع تخليط وتوافقات من أهالي الطرفين أبناء الأخوة وأبناء العم وأبناء الخال، وهي توافقات يتم ترتيبها بالنسبة لبعض الحالات منذ الطفولة بل أحيانا منذ ولادة بعض الأبناء الذين سيصبحون أزواجا عند بلوغهم، وبصفتي متزوج من العائلة، أقول أن زواج العائلة يؤثر ايجابيا على طبيعة العلاقة الزوجية، ويساهم في استمرارها والتخفيف من حدة التوترات فيها، وذلك راجع إلى مراعاة الزوجين للأطراف الخارجية، وسعي هذه الأطراف المنتمية لنفس الشجرة العائلية إلى التدخل من أجل الصلح والتخفيف من التوترات، فهم بمثابة أوتاد تشد خيمة زواج الأبناء. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أرى أن هناك عدة دوافع تجعل بعض العائلات تفضل زواج العائلة، منها دوافع مادية وأخرى معنوية،، فهناك بعض العائلات تريد تحصين ثروة العائلة من امتداد الدخلاء إليها، والحفاظ على الحسب والنسب، الذي توارثوه عن الأجداد من سلطة وجاه، وهناك من العائلات التي تستند إلى المنطق التقليدي الذي يوصي بدوي القربى حتى في الزواج، وذلك أن زواج الأقارب “ابنة العم أو ابنة العمة، أو ابن العم وابن العمة، وابنة الخال أو ابنة الخالة وابن الخال..”، أولى من الشخص الغريب آخذين بمقولة “خيرنا ما يديه غيرنا، وخبز الدار ما ياكلو البراني”، مؤمنين بما لبنت العم أو بنت الخال..القدرة على التحمل ومراعاة مصلحة العائلة جميعها، وتفاديا لكلام الناس، إذ تنجح في كثير من الأحيان رابطة الدم والقرابة بين الزوجين في لعب دورا أساسيا في استمرار العلاقة الزوجية حتى ولو كانت منهارة ومحاطة بالتعقيدات، وهذه النتيجة تبقى رهينة في كل الحالات بطبيعة وقيمة العلاقة التي تجمع العائلتين المتصاهرتين، فكلما كانت روابط الأسرتين قوية ومتينة ويحكمها الإحساس بالغيرة على بعضهما البعض والحفاظ على سمعة العائلتين، فإن هذا العمق في الروابط يدعم مصالح الطرفين.

جسر التواصل: بالإضافة أنك فنان شعبي “شيخ للعيطة”، فأنت كاتب قاص وروائي وشاعر زجال، هل سبق لك وأن تطرقت لموضوع زواج الأقارب في كتاباتك الأدبية؟

الحسين السطاتي: لقد تطرقت لموضوع زواج العائلة، في بعض مقالاتي وفي روايتي الطويلة، بعنوان “عيطة بيضاوية”، وسبق وأن نشرت جريدتكم المحترمة، عدة فصول منها، حيث أن بطل الرواية “حسين” متزوج من بنت عمه “كريمة”، وهي ليست سيرة ذاتية، لكنني أحببت أن أخلد علاقتي بزوجتي في بعض كتاباتي، وأنا حاليا أكتب في جزء ثاني من سيرتي الذاتية يتناول موضوع زواجي وعشقي لفن العيطة، أعطيته مؤقتا عنوان “عيطة الحب وحب العيطة”.

جسر التواصل: لنعد إلى حياتك الشخصية، بحكم أنك متزوج ابنة العائلة “بنت ولد العم”، كيف كان زواجك منها؟ وكيف حافظتما على هذه العلاقة كل هذه المدة؟
الحسين السطاتي: مدة علاقتي بزوجتي “نرجس كريمة”، تعدت ثلاثين سنة، وكان زواجنا زواجا عصريا وعن حب، رغم أننا ريفيان بدويان من بادية “أولاد عبو”، منطقة “أولاد سعيد”، ضواحي مدينة “سطات”، إذ تربطني بها قرابة العائلة “أبناء العمومة”، وكنا نسكن متجاوران في الدوار، كانت “كريمة” تدخل بيتنا منذ أن كانت طفلة صغيرة، وهذا ما جرت به العادة في تلك الفترة، كانت الأبواب تبقى مفتوحة أمام الأطفال، فكانت “كريمة” تلعب مع بنات إخوتي، وتشارك أمي في الطبخ وتتعلم منها أشغال النسيج، وأنا أكبرها بثمان سنوات، وقد بدأت علاقتي بها “تصاحبت معاها”، منذ أن كانت في سن الثانية عشر من عمرها، مازلت طفلة يعني أن علاقتنا العاطفية بدأت منذ اليوم الأول بالمشاكل بل بدأت بالجرائم، بصفتي في تلك السن كنت شابا بالغا راشدا، في سن الحادية والعشرين وربطت علاقة غرامية مع طفلة في الثانية عشر من عمرها، بمعنى أنني ارتكبت جريمة التغرير بفتاة قاصر، جمعتنا علاقة حب عنيفة، تحدينا فيها العادات والتقاليد والقانون، وتحدينا فيها المجتمع القروي الصغير والوالدين والعائلة، هذا المجتمع البدوي البدائي الذي يقولون عنه أنه مجتمع محافظ لكنني أقول أنه مجتمع متخلف ومنافق، أغلب سكانه لا يؤمنون بالحب، يتسامحون مع الشاب الذكر بأن يحب ويمارس حياته الجنسية بكل حرية حتى مع الحيوانات وحتى لو كان متزوجا، بل يفتخرون بعلاقاته الغرامية المتعددة مع النساء ويعتبرونها رجولة وفحولة، في المقابل يمنعون البنت من الحب، ويجبرونها على أن تكبت مشاعرها العاطفية وتدفنها، حتى يزوجوها للشخص الذي ارتضوه زوجا لها، وقبلوه هم وليس بالشرط أن تقبله هي، بل منهم من يمارسون عنفا ودكتاتورية ذكورية على بناتهم بحرمانهن من الدراسة والتعلم وتزويجهن وهن قاصرات لأشخاص شيوخ مسنين في سن أجدادهن، بدعوى أنهن سيختلطن في المدارس بالرجال، وقد يرسلون بناتهن القاصرات خادمات بيوت في المدينة، ويتفاخرون بذلك فيما بينهم وهم لا يهمهم مصير البنت في المدينة، سواء تعرضت للتحرش أو الاغتصاب أو العنف.. المهم أن تأتي بالفلوس، والأهم أن لا تحب أحدا في الدوار، ولا تفصح عن مشاعرها العاطفية، فهم الذين يقررون في حبها وزواجها، فغالبا قرار البنت لا يؤخذ به في الدوار، هذا ما يبدو في الظاهر، أما في الكواليس وفي الخفاء، فهناك جرائم جنسية أخلاقية؛ من جنس شاذ، واغتصاب، وتحرش، وخيانة زوجية، وحتى زنا المحارم، وحمل خارج نطاق الزواج..”، كل هذا موجود، لكن العيب والعار عندهم أن تحب الفتاة وتعشق وتعلن حبها لشخص بادلها نفس المشاعر بالدوار وتُعرف علاقتهما، حينها يعدونها جريمة وفضيحة وعيب وعار ومصيبة..لكنني تمردت على هذه العادات والتقاليد الظالمة البالية وفرضت عليهم قانون الحب، في تلك الأيام قد يتزوج الشاب البدوي بفتاة من دوار آخر وهو على علم أنها كانت على علاقة غرامية مع شخص آخر، لكنه لا يتزوج حبيبته وصديقته من الدوار الذي يسكنه فالأغلبية ستقف ضده.

لقد بدأت علاقتنا في الأول علاقة سرية في ربيع سنة 1993، لكن مع مرور الوقت فاحت رائحة هذه العلاقة الغرامية وعرفها الكثيرون من الدوار وخارجه، كان الأمر بالنسبة إلي كشاب ذكر مراهق شيء عادي بل ممتع، ويمكنني أن أفتخر به حسب ثقافتي الريفية في ذلك التاريخ، لكن المشكل الكبير كان عند الأنثى أي عند صديقتي “كريمة” بمعنى “صاحبتي”، هي التي كانت تعاني من هذه العلاقة وهي صغيرة السن مازالت قاصر، وخاصة لما عرف بعض إخوتها الكبار بالأمر، ورغم أننا تواعدنا منذ البداية على الزواج إلا أن العادات والتقاليد البالية،كانت تقيد وتكبل الفتاة البدوية، لما تعانيه من ظلم ودكتاتورية وقمع من طرف عائلتها ومن الوسط الذي تعيش فيه، وخاصة إذا تعلق الأمر بالحب والجنس، لهذا لما علمت أمي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته بعلاقتنا، غضبت واعتبرتها خيانة مني لها وللعائلة، كنت في نظرها الابن المتمرد الطائش سيء التربية، وكانت تعيرني بالعاق “مسخوط الفركَ”، وبعبارة “شيخ الشيخات”، ودرءا للفضيحة، ناقشتني في الموضوع، حيث طلبت مني في الأول أن أبتعد عن “كريمة”، مخافة من العار والفضيحة كما يسمونها بالمنطقة، ومخافة أن أدخل في صراع وحرب مع إخوتها، ناصحة إياي بالابتعاد عنها، بدعوى أنني مازلت شابا طائشا وبدون عمل قار، حيث كنت أعمل في ذلك الوقت فنانا شعبيا “شيخ لرباعة الشيخات”، لكنني واجهتها بالحقيقة، وأكدت لها أنني أحب صديقتي وأريدها زوجة لي، ولا مانع دينيا أن أتزوج من بنت ولد عمي، وأكدت لها أننا متفقان على الزواج بل مصران عليه، وبعد هذا نادت على “كريمة” وناقشتها في الموضوع، وحذرتها من طيشي واحتمال أن أضحك عليها بأن أتسبب في حملها وأهرب، لكن كريمة لم تبالي بذلك، وأكدت لأمي أنها تحبني ومستعدة أن تضحي بسمعتها من أجلي، ولا تقبل بغيري زوجا لها، أمام هذا الوضع ناقشت أمي الموضوع مع أبي رحمه الله، ومع أختي “زينب” التي تكبرني بخمس سنوات، هذه الأخيرة التي وقفت إلى جانبي وساندتني في الدفاع عن حبنا، حيث عقدنا اجتماعا وأخبرتهم بالحقيقة، وبنيتي الشريفة ورغبتي الصادقة في الزواج من حبيبتي “بنت ولد عمي”، فسارعت أمي رحمها الله إلى أمها، وخطبتها مبدئيا لي، بمعنى “رشمتها ليا”، ووافق والداها على ذلك، لأنهما كانا يعرفان علاقتنا الغرامية، ورغم أنف الجميع كنا نلتقي في الخلاء بالمراعي وبالجنان وبجنب البئر وبمنزلنا أحيانا.. وفي ربيع سنة 1994، التحقت بالوظيفة العمومية بالدرك الملكي سلك ضباط الصف، وبقيت علاقتنا مستمرة، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، والقيل والقال، حيث كان من بين أفراد العائلة المؤيدون والمعارضون لهذه العلاقة، لكن حبنا نحن الاثنين كان أقوى وأصدق من كل شيء، وصارت أمي تعامل “كريمة” معاملة زوجة ابنها، وخلال صيف سنة 1997، ذهب والداي إلى منزلهما وخطباها خطبة رسمية، ولما قضيت بسلك الدرك الملكي مدة خمسة سنوات حيث يسمح لي بالزواج طبقا للقانون الإداري، تقدمت للقيادة العليا للدرك الملكي بطلب رخصة السماح لي بالزواج من حبيبتي، وبعدما أجرت إدارة الدرك الملكي بحثها الإداري حولها، حيث تكلفت به بعض عناصر الضابطة القضائية للدرك الملكي من المركز الترابي بجمعة “أولاد عبو”، تمة الموافقة والترخيص لي بالزواج من حبيبتي من طرف الجنرال “حسني بن سليمان” قائد الدرك الملكي، عندها وبناء على هذه الوثيقة “رخصة الجنرال الدركية” جمعت ملف الزواج ووثقت عقد النكاح الرسمي مع زوجتي، وكنت حينها أشتغل ضمن عناصر الضابطة القضائية بمدينة أبي الجعد، كانت ومازالت حياة زوجية جد رائعة إلى حدود إجراء هذا الحوار الصحفي، وهبنا الله ثلاثة أبناء : بنتين “بذرة وريحانة” وولد “محمد”، درسوا وتعلموا بالجامعة وبمعاهد علمية، وكبروا وهم الآن في سن الزواج، نعيش راضيين ببعضنا البعض، متفاهمين، متعاونين، نعيش الحياة بحلوها ومرها، راضين بنصيبنا من الدنيا وبقضاء الله وقدره، ويعلم الله ما يخبأه لنا الغد، المهم إلى حد الآن أعتبرها حياة زوجية ناجحة، ساهم في استمرارها الحب والصدق والوفاء والتحدي والتعاون والاهتمام من طرفنا نحن الاثنين، وأنا أقول أن زوجتي هي التي كافحت وناضلت وصبرت وضحت أكثر مني بكثير، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، أعترف أنها الركيزة الأساسية في خيمة أسرتي الصغيرة، أحمد الله وأشكره أنني تزوجت من قريبتي، وقد وهبني الله امرأة صالحة؛ مطيعة واعية ومتفهمة، وما وصلت إليه الآن من نجاح فبفضل الله وبمساعدة زوجتي وأبنائي..ز وقد تطرقت لهذا في فصول من سيرتي الروائية القادمة بعنوان “عيطة الحب وحب العيطة”.

جسر التواصل: بصفتك فنان شعبي “شيخ للعيطة”، وكاتب قاص وروائي وشاعر زجال، هل من جديد في مجال الكتابة والزجل؟
الحسين السطاتي: أكتب حاليا في الفصول الأخيرة من روايتي التي اخترت لها مؤقتا عنوان “العين الزرقاء”، وقد استلهمت أحداث هذه الرواية وشخصياتها من “عيطة العين”، وهي أغنية عيطية تراثية من فن العيطة البلدية الفيلالية الجرفية، رواية رومانسية ايروتيكية، تحكي قصة حب عذري عنيف بين شابين ينحدران من منطقة الراشيدية بالجنوب الشرقي المغربي أحبا بعضهما البعض، لكن الفوارق الطبقية الاجتماعية والعادات والتقاليد والنزاعات القبلية.. وقفت حاجزا منيعا ضد هذا الحب، حيث أن الشاب يمتهن خياطا وينحدر من أسرة فقيرة، والده فلاح بسيط و “طيان” صانع فخار، والشابة غادة حسناء من عائلة ثرية بنت “ولد القايد”..وتدور أحداث الرواية بين مدينتي الراشيدية وسطات. وأكتب في الجزء الثاني من سيرتي الروائية تحت عنوان “عيطة الحب وحب العيطة”، كما أواصل الكتابة في ديواني الزجلي تحت عنوان “عيطة سروت الحصبة”.

جسر التواصل: كلمة أخيرة لجمهورك ؟
الحسين السطاتي: الله يديم نعمه علينا، نعمة الأمن والأمان في وطننا الحبيب، والله يحفظ وينصر ملكنا الهمام، وشكرا جزيلا للجمهور الكريم على التشجيع والدعم المادي والمعنوي، وأقول لكم سنة سعيدة وكل عام وأنتم بخير، فبفضل الله عز وجل، وبفضل الجمهور تكون لي دافعية قوية للاجتهاد وللعطاء والاستمرارية لمواصلة الغناء والكتابة، وبالقراءة نرتقي وندعم بعضنا..وأعده أنني سأعطي كل ما في وسعي لفن العيطة من موقعي كفنان ممارس شيخ للعيطة وككاتب، وسأظل وفيا لهذا التوجه الموسيقي، للمساهمة في الحفاظ على هذا الفن التراثي الأصيل، وشكرا لجميع المنابر الإعلامية التي تساهم بجد في إعطاء إشعاع للفن وللفنانين المغاربة وتنوير الحقل الفني المغربي، وجزيل الشكر والامتنان لمنبركم الإعلامي “جسر التواصل” الذي شيد لي هذا الجسر المتين لأقف عليه وأطل منه على الجمهور الكريم، وأتمنى من الله عز وجل أن يوفقكم حتى أسمع ل”اذاعة جسر التواصل”، وأسمع وأشاهد قناة خاصة ب”جسر التواصل”، كما استمتعنا واستفدنا من برنامجكم الإذاعي الشهير جسر التواصل، وفقكم الله ولكم تحياتي الخالصة.

الاخبار العاجلة