عبد العزيز حنان
الدار البيضاء : و لتكن بلا تاريخ …….
– هي اللعنة تُطارده . جحودُ آدمَ النعمةَ مُذْ عصى أمر ربه .
و هكذا ستصاحبه اللعنة مهما طال به الأمد .
جُثة مذْهولة جلس مُحملقا في المجهول ، يُحاور ذاته المحروقة .
– كيف طاوعتني النفس على الفِعْل ؟؟؟
و راح يسترجع الشريط ، يستحضر الأنثى التي وَهبْته الحياةَ من جديد… أعطته كل شيء ، و لم تبخل بشيء.
كيف يجْرحها ؟؟؟
كيف يُدْمي قلبَها الزّاخرَ بالمحبة و العطاء و الصَّفح ؟؟؟
– تَـبّــــاً لي . كيف أعطيتُ لنفسي الحـقّ في مُعاكسة أخرى و لو كذبـــــاً ، و لو مزاحَاّ؟
تحركَ خطوات … يُحاول اسْتِجْماع شَتات فكره المبعثر . يستغرب .
كيف حدث ؟؟؟
و ماذا حدث بالضبط ؟؟؟
و كأنه لا يستوْعب الأشياءَ …، و كأنه كان في حالة تخدير .
يحاول لَمْلَمة الخيوط … ماذا حدث في لحظة تِيهٍ عن الذات الواعية ؟؟؟
كيف اسْتَبْلد نفسه تحت حُبّ الانتقام الخفي ِّ، لِتَخْنقه و تَـلْتَفّ به خيوط العنكبوت ؟؟؟
– اللعنة .
و تابع جَلْدَ الذّاتِ المُحْبطة بالفِعْل غير المبرر .
كيف تَغابَى تحت ثِقَلِ أَلَــمٍ دفين يريد عبثا أن يبحث له عن مُسَكِّن .
وقف يضرب الأرض بكل قواه و يصرخ :
– فظيعٌ هو الألــم …. قاسٍ هو الإحساس بالخداع ….
يستسلم لفيْض الدّمع …، يعطي الاِنقياد لقدميه ؛ تخطو به دونما وجهة محددة .يُسائل نفسَه كيف سمح لها أن تُؤْذي من تسكنه …؟؟؟
من تتربع بلا منازع عرش قلبه …؟؟؟
من تُجالسه كل لحظة من تفكيره …؟؟؟
كيف توارتْ في هذه اللحظة الجحيم بالذات …؟؟؟
و على كرسيٍّ مُتهالك ، بحديقة مهجورة جلس يصرخ وحيدا و كأنه على رَكْحِ مسرح ؛ و ليس معه سوى كلاب ضالّةٌ وقطط مختبئة تمارس لعنةً مكشوفة :
– أيتها السيدة النبيلة المُعطرة بأَرِيج المجد و التّحضُّر …
– كم أنتِ بهية ….
– كم أنت مَنْجَم عطاءٍ يسمو…، كالأرضِ التي أنبتتكِ و ترعرعتِ على أعطافها …
– وكم أنا جاحد .أنْساقُ وراء رغبةٍ مجنونة لا مكان لِفِعْلِ اللذة الغريزي فيها .
بل لحظة جحيم تَرُوم الانتقام لِكبرياء جريح ….
يجر خطاه ثانية مُتثاقلا مهزوما، يمنحُ لعينيه حرية تَدفّق الدمع عَلَّه يُطهره من خيبته ، من فعلته …و يصرخ :
– جنون الجُرح قاسٍ….مؤلم .
عاد للكرسي المهترئ بالحديقة المهجورة . فقد وجد فيها ملاذا للصراخ الحر و هو يخاطب حبيبة قلبه :
– أيتها الأنثى بلا مَثيل …. الصَّفْح .
– جُرحك غائر ، لكن سيدتي ما اسْتبْدلتك بالغير .
– وحدك السيدة ، و وحدك الأنثى التي تعيده للحياة …
– أنت الحياة .
– بربك ، برحمة الأغلى لديك ….فرصة أخيرة .
و يكفيك عزاء ….
يكفيك انتقاما ….
هذا الجـــحـــيــــــــــــــــــــــــــــــــم .